كان الإسلام بطبيعته النقية المتلاقية مع قيم الحنيفية السمحة، التي بعث بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واقتفى أثرها خلفاؤه الراشدون من بعده هو السجية، التي استقت منها الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة أسسها الدستورية بنبذها الأفكار المسيسة المتطرفة، التي طرأت على الدين في أواخر عهد الخلافة الراشدة، وتسببت في اغتيال خليفتي النبي -صلى الله عليه وسلم- ووزيريه عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-، وقوّضت أمن الدولة الإسلامية، كما تجنبت الدولة السعودية كذلك الخرافات، التي صرفت جزءاً من حق الله عز وجل في التوحيد والتعظيم إلى توقير أفرادٍ ومزارات وقبور، وهذا النقاء يعد ركيزة أساسية في قيام الدولة السعودية وسجية ثابتة فيها؛ فعندما يضمحل التطرف وتتلاشى الخرافة يبقى الدين الصافي كمشكاةٍ يمكن بناء الدول العظمى عليها، ومواجهة الأهوال والمخاطر بالاستناد إليها.
ودأبت عدة تيارات ليبرالية وما زالت على إثارة الكثير من الشُبَه حول علمنة المملكة، في الوقت الذي تعود فيه المملكة إلى سجيتها الأم المرتكزة على نقاء الدين، الذي كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بنبذها التطرف الإخواني والخميني معاً، الذي تسلَّل إلى المجتمع السعودي في الأعوام الأربعين الماضية، ومصداق ذلك الحوار، الذي أجرته مجلة «أتلانتيك» مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد، الذي أكد فيه هذا المبدأ عندما قال: «إن دولتنا قائمة على الإسلام، وعلى الثقافة القبلية، وثقافة المنطقة، وثقافة البلدة، والثقافة العربية، والثقافة السعودية، وعلى معتقداتها، وهذه هي روحنا، وإذا تخلصنا منها، فإن هذا الأمر يعني أن البلد سينهار... لذا فإننا لن نقلل من أهمية معتقداتنا، لأنها تمثل روحنا، فالمسجد الحرام يوجد في السعودية، ولا يمكن لأحد أن يزيله. لذا فإننا بلا أدنى شك لدينا مسؤولية مستمرة إلى الأبد تجاه المسجد الحرام. نحن نرجع إلى تعاليم الإسلام الحقيقية، التي عاش عليها وبها الرسول -عليه الصلاة والسلام- والخلفاء الراشدون الأربعة من بعده في مجتمعات منفتحة ومسالمة عاش فيها مسيحيون ويهود وغيرهم، وأرشدتنا هذه التعاليم إلى احترام جميع الثقافات والديانات بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معها، وهذه التعاليم كانت مثالية، ونحن عائدون إلى الجذور، إلى الشيء الحقيقي.
إنَّ ما حدث هو أن المتطرفين اختطفوا الدين الإسلامي وحرّفوه، بحسب مصالحهم، حيث إنهم يحاولون جعل الناس يرون الإسلام على طريقتهم... نحن نرجع إلى الأساس، إلى الإسلام النقي، للتأكد من أن روح السعودية القائمة على مستوى الإسلام، والثقافة، والقبيلة، والبلدة أو المنطقة، هي تخدم الدولة، وتخدم الشعب، وتخدم المنطقة، وتخدم العالم أجمع، وتقودنا إلى النمو الاقتصادي».
وبمقدورنا ملاحظة أن سموه أكّد العودة إلى طبيعة الإسلام النقي المستضيئة بالقبس النبوي والخلافة الراشدة؛ ما يدل على أن الاستناد إلى الإسلام الصافي من شوائب التطرف والتسييس والغلو سجية ونهج سعودي أصيل لم تحِد عنه السعودية يوماً.
ولقد تعزز ذلك النهج الأصيل مؤخراً عندما نفت شركة نيوم التعليقات الواردة على لسان رئيس قطاع السياحة فيها (أندرو ماكفوي) نفياً قاطعاً، وكان قد ضمّنها قوله إن الشركة سوف تبيح بعض محرمات الشريعة الإسلامية في مشاريع لها بقصد جذب الاستثمارات.
هذا هو عهد وسجية السعودية دائماً في العودة إلى نقاء الرسالة النبوية، والتخلص من الشوائب الدخيلة على نقاء وعظمة وسماحة الإسلام.
@falkhereiji