لذا فإن دعائم النمو ترتكز على السيولة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، واتساع نسبة الطبقة الوسطى في المجتمع، وهذه الدعائم الثلاث تقوى بتوطين الوظائف، التي تضمن تواجد السيولة في السوق المحلية، والاستقرار في حال أي أزمة طارئة في السوق، والتحوُّل للطبقة الوسطى في حال استقرارها الوظيفي براتب مُجزٍ.
لذا يُعتبر تنظيم سوق العمل المحدود أولوية لدينا، وضمانة في ظل ارتفاع معدلات المخاطرة، وتتالي الأزمات الدولية، ودخولنا في نفق التضخم العالمي المتصاعد، بعد الأخبار الأمريكية عن استمراره، ونحن في منتصف العام.
ولكن سوق العمل السعودي كان الأكثر نجاحًا بإدارة متغيّرة ومتطورة ونتائج مجدية خلال عامين فقط، إذ وضعت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية في نهاية 2020 إستراتيجية لسوق العمل للإصلاح، ورفع الكفاءة، وتحسين ظروف العمل والاستثمار عبر تخطيط المهن، ووضع معايير مهنية ونظام للمهارات والاستقدام والتوظيف، وفي تلك المدة أصدرت الوزارة سيلًا من القرارات الإلزامية والتشريعية، منها تقنين عمل العمالة غير المنظمة، وإصلاح القطاع الخاص؛ ليتناسب مع سياسة التوطين، وسَن سبعة برامج كمبادرات (برنامج التحول الوطني، وتنمية القدرات البشرية، وخدمة ضيوف الرحمن، وجودة الحياة، والاستدامة المالية، والإسكان، وتطوير القطاع المالي).
كل تلك الإصلاحات ليست أمرًا مدهشًا، وإن كانت إنجازًا متميزًا، ولكن الذي يثير الدهشة حقًّا هو اعتماد الوزارة الحوكمة والشفافية في مبادراتها، وإشراكها المواطنين في اتخاذ أي قرار وفقًا لاستطلاع الرأي فيه، ووضعها إحصائيات محدثة، والإنجاز الذي يُحسب لها هو قدرتها على السيطرة على مشكلة البطالة، خلال سنوات الجائحة العالمية؛ لتسيطر على معدل البطالة، وترفع نِسَب التوطين، وفي مدة قصيرة، وخلال أزمة عالمية، فيمكننا إدراك التحدي الذي تخوضه المملكة وتنجح، بل وتبرع فيه، محققة نجاحًا يمكننا رؤيته من حزمة القرارات والمتابعة والأرقام المتغيّرة، وهو واحد من جملة أسباب جعلت المملكة من الدول المحققة لنسبة نمو 7.6 هذا العام وفق الصندوق الدولي.
@hana_maki00