وكثيرا ما تصلني العديد من الرسائل، التي يتساءل فيها أصحابها عن سبب تقدم البلدان الغربية وبلدان أخرى ذات ديانات وثنية أکثر من بلداننا، والحقيقة أنني وکما وضحت في بداية المقال، بأن الشعوب والأمم، التي عانت الويلات من جراء تشبثها بالماضي، وجعله يتحكم في حاضرها قد انتبهت لهذا الخطأ في التعامل فقامت بتصحيحه، فبدأت صفحة جديدة مهدت لها طرق وسبل التقدم والتطور بما جعل الناس يعيشون بسلام وأمان وفي رغد، لكننا کأمة إسلامية بمختلف شعوبها ما زلنا وفي الخط العام، نجعل من الماضي هو المتحكم في حاضرنا ومستقبلنا.
الماضي المظلم سبب انقسام الأمة... وبناء حاضر ومستقبل مشرق مسؤولية الجميع.
لو دققنا النظر في حال أمتنا خلال القرن الماضي وحتى في بدايات القرن الجديد، لوجدنا أن نظرتنا کانت مصوبة دائما نحو الماضي متصورين بأن ذلك سيحفظ لنا ديننا وقيمنا ويهدينا سبل الرشاد، ولكن والحق يقال لم يكن الإسلام قد دعا يوما إلى هكذا حالة، لتصل الأمور إلى هذا الوضع السلبي، ولو تأملنا في الآية الكريمة: (تلك أمة قد خلت لها ما کسبت ولكم ما کسبتم ولا تسألون عما کانوا يعملون)، فإنها تعطينا درسا وافيا بهذا الصدد، إذ إنها تعني تلك أمة من أسلافكم قد مضت إلى حالها، لهم أعمالهم ولكم أعمالكم، وکما أنهم لا يسألون عن أعمالكم، فإنكم أيضا لا تسألون عن أعمالهم.
وفي الآية دعوة إلهية واضحة من أجل قطع التعلق بالمخلوقين، وعدم الاغترار بالانتساب إليهم وإن المعول عليه ما قد اتصف به الإنسان وليس عمل أسلافه وآبائه، فالنفع الحقيقي بالأعمال لا بالانتساب، والخلاصة نحن لسنا بمسؤولين عما فعله أسلافنا وفق القاعدة القرآنية الواضحة (ولا تز وازرة وزر أخرى).
ومن هنا، وفي ضوء ما تطرحه هذه الآية الكريمة من خط عام واضح للأمة کي تسير فيه، فإن العودة إلى الماضي والنبش فيه ليس بالضرورة أن يكون دائما إيجابيا، لاسيما عندما يترتب عليه آثار سيئة واستعادة الصراعات والعداوات، التي كانت لها أسبابها ومسبباتها ولم نحضرها، خصوصا أن الماضي وأحداثه کان على الدوام من أسباب فرقتنا وانقسامنا، لذلك فنحن اليوم مسؤولون جميعا عن حاضرنا ومستقبلنا للعيش بسلام وأمان وفي تقدم وتنمية دائمة.
@sayidelhusseini