وأضاف: على المستوى النظري فإن مفهوم إدمان الإنترنت يوضح اختلاف العلماء والباحثين، فيرى البعض أن الاستخدام الزائد للإنترنت لا يعد إدمانا لأنه ليس عادة بل ميزة للحياة الحديثة، وأنه لا يمكن الاستغناء عن تلك الميزة، كما يرون أن الإنترنت عبارة عن بيئة، ولا يمكن إدمان البيئة، في حين أن البحوث والدراسات الحديثة تؤكد أن إدمان الإنترنت أصبح «حمى مرضية واقعية» يجب علينا معايشتها والتعامل معها.
عوامل خطورةوأوضح أن هناك العديد من التعريفات لإدمان الإنترنت، سواء العلمية منها أو الإجرائية، فقد عرفه البعض بأنه «حالة من الاستخدام المرضي وغير التوافقي الذي يؤدي إلى اضطرابات سلوكية، يتم معرفتها من خلال عدة صور، كالجلوس لمدة طويلة أمام الأجهزة الإلكترونية، خاصة الحاسوب»، وتماشيا مع ذلك، فهناك حقيقة مفادها أنه «نعم للإنترنت والتطور التكنولوجي ولا للأخطار المصاحبة والاضطرابات الناتجة عنه، وأن أهم عوامل الخطورة هي الهدم، لأن فيها استسلاما للإنترنت وانهزامية أمام الألعاب الإلكترونية، وهنا تقع الجريمة الحضارية والثقافية التي لا تغتفر».
تنمية العقلوأشار إلى أن الدراسات أثبتت أن هناك فوائد للألعاب الإلكترونية على تنمية العقل الإنساني، خاصة فيما يتعلق بألعاب الذكاء، إلا أن لها مكامن خطورة في معظم تلك الألعاب، التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الصحة العامة للطفل، خاصة فيما يتعلق بالمعاناة من السمنة وضعف البصر بسبب التركيز العالي، وضعف العضلات بسبب قلة الحركة، والتذمر والعصبية النفسية بسبب الأحادية والمركزية الذاتية والعزلة والانطواء.
الصحة العضوية
ولفت إلى أن الخطر الحقيقي يتركز في مجموعة عوامل رئيسية تتمثل أولا في العامل الصحي، لأن الصحة العضوية محورية في حياة الإنسان، وأثبتت الدراسات الطبية أن الجلوس أمام الأجهزة الإلكترونية لفترة طويلة ذو تأثير مباشر على صحة العين، ما يعني إجهادها، وهذا الأمر يؤدي إلى معاناة الطفل من ضعف النظر مستقبلا، بالإضافة إلى الإصابة بالسمنة الناتجة عن قلة الحركة المتزامنة مع الأكل الزائد عن الحد، كما أن الجلوس لفترات طويلة أمام الأجهزة الإلكترونية خاصة مع الوضعية الخاطئة يؤدي إلى العديد من المشاكل العضوية والشعور بالآلام سواء في العمود الفقري أو الكتفين أو الرقبة أو الصداع النصفي.
العامل النفسي كما أن الطفل يرتبط بشكل مباشر وقوي بالإنترنت ولا يستطيع الاستغناء عنه، ما يؤثر على شخصيته وسلوكياته وتفاعله مع الآخرين، فيصبح منعزلا ومنطويا ومتمركزا حول ذاته، ما يفقده العديد من المهارات الاجتماعية اللازمة، بالإضافة إلى المعاناة من القلق والتوتر وسرعة الغضب والعصبية غير المبررة، وبالتالي تعلم العنف والعدوانية وتطبيقها في حياته.
أيضا يفقد الطفل القدرة على الاكتساب السلوكي الإيجابي من الأقران، بل إن ضعف علاقاته وعدم تقبله للآخرين يؤثر على ذكائه الاجتماعي، وهذا يعني التردد والتذبذب وعدم الثقة بالنفس، وبالتالي عدم القدرة على اتخاذ القرار أو بناء وتطوير الذات الاجتماعية المهمة في جميع مراحله العمرية، لأن الجماعة عامل بناء مهم جدا ينبغي على الأسرة العمل عليه دائما، ويجب عليهم الحرص على مشاركة الطفل مع الآخرين في الأنشطة وفق ضوابط جيدة، لأن التواصل الإيجابي يساعد الطفل على التعرف على مواهبه والاستمتاع بها وتنميتها.
مظاهر الانحرافوتعمد الطفل أو المراهق الهروب إلى الغرباء للبحث عن الإشباع العاطفي الوهمي والشعور بالمتعة واللذة المؤقتة يعرضه إلى العديد من مظاهر الانحراف المباشر وغير المباشر، كالتحرش والتنمر والابتزاز والاحتيال لأن اندفاع الطفل على التقنية دون رادع يعرضه للإدمان والانهزامية وكذلك يجعله عرضة لأنواع متعددة ومختلفة من المعلومات الجبرية كالصور والمقاطع التي لا تتناسب نهائيا مع مرحلته العمرية، كما يسعى الطفل غالبا للتخلص من القيود الاجتماعية الشديدة من خلال التقليد والمحاكاة للأصدقاء والتأثر بجماعة الأقران، وبالتالي إطلاق العنان لرغباته ونزواته الدفينة والمكبوتة، ولذلك يفقد ثقته بنفسه فيؤمن بالأفكار السلبية الهدامة والمعتقدات الخاطئة، ويمارسها خاصة في ظل الإهمال التربوي الأسري.
وسائل العلاج وأوضح أن علاج إدمان الإنترنت مسؤولية مشتركة تقع على الجميع، سواء كانت المدرسة أو العاملين في مجال الصحة النفسية أو المؤسسات المجتمعية، وان عليهم العمل يدا بيد نحو نشر التوعية والإرشاد عبر العديد من البرامج والأنشطة الهادفة، كما أن المسؤولية الكبرى تقع على الأسرة وذلك بتخصيص وقت معين لاستخدام الإنترنت والأجهزة الإلكترونية، كأقصى حد بمعدل ساعتين يوميا فقط، ومتابعة الأبناء من حيث الفترة والمدة والمضمون.