تكثفت القطرات على الأسطح بجمال أخاذ متباينة الأحجام لمعت تحت ضوء ملكة الضياء، التي بدأت تستعد لتظهر بكامل وهجها الأخاذ فبدت تلك القطرات كزجاجات مصقولة اندثرت وعلقت هنا وهناك على كل سطح حتى إن شابهها بالألوان، أشرقت وبشروقها انسدلت تلاحق بعضها القطرات إلى حيث ينتهي بها المقام، بعضها في تدحرجها حافظت على شكلها وبعضها اندمج ببعض، فكبر حجمها لحين ثم انفصلت وبعضها تعثرت بشيء ما فتغيرت عند انحدارها هيئتها.
صور سبحان الخلاق في تأملها يستحضر ذهنك قوالب البشر ومسيرة الدموع،
فالبشر يخلقون في قالب روحي جميل التشكيل، فتجد منهم اللطفاء الذين يبقون على حالة اللطف إلى أن يغادروا الحياة لا تشوه أرواحهم نماذج انتهجت سبيل الشر واتخذته قالبا لها ولا تلوثهم المكائد، والبعض يصطدمون بتلك النماذج السيئة فيتعايشون معها محافظين قدر الإمكان على خصائصهم ويتشوهون لحين لكنه تشوه زائل بكل تأكيد ليغلب الأصل ويعودون في سكن ذاك الجميل والبعض يذوي وتهلك روحه وتتوه في تلك الأشباه وبقبضة المكائد ولا يجد لهويته الأصلية بدل فاقد فقد أو عنوان.
مسيرة تلك القطرات أيضا تشبه بشكل ما مسيرة الدموع، فبعضها ينزل منفردا وبعضها ينهمر متداخلا وبعضها يتناوب يأخذ من كل هيئة لمحة، مسيرة الدموع تلك ينتهي بها المقام على ياقة قميص أو عند انثناء الرقبة وأحيانا تجاور الشفاه لتطعمها قسرا مذاقها ولا تعرف لما تسقيك إياها، أتجبرا أم تكبرا أو انكسارا وأحيانا ينتهي بها المقام على منديل معطر اخترته ليرافقك رحلة الأحزان ليلتقط ما يشاء ولحضوره يستقبله الدمع بفيض مدرار، تلك الدموع أحيانا تلبس ثوب الأفراح فتذيقك من شهدها حلوا مضاعف المذاق.
بعض صور الطبيعة تحاكينا بإبداع، فكأنها فيلم قصير في لحظة يعبر عن مقتطف من عمر إنسان.
* الشهد والدموع
عنوان لمشاعر البشر تعبر عن مذاق عن مكنون لو غابت عن كينونتهم لأصبحوا عن هوية البشر مفقودين.
@ALAmoudiSheika