* وهنا يصاب المرء بالدهشة عن الغاية من هذا الفعل الذي لا يُقرُّه عقلٌ ولا منطقٌ، إذا ما استثنينا انتهاء تاريخ صلاحية المنتج، وتبرز عدة تساؤلاتٍ، لا أعتقد أن تلك الشركات لديها الإجابات الشافية فيما لو تمت مساءلة القائمين عليها، ومن ذلك:
* أليس من جحود النعمة انتهاج الشركات هذا السلوك المنافي دينيًّا واقتصاديًّا وحتى صحيًّا وبيئيًّا عندما تمارس هذا العمل وتؤْثِر بأن تلقي بمنتجاتها في الحاويات بدلًا من أن تخفض الأسعار وتحافظ على العلاقة البينية مع عملائها في بلد يزيد تعداد سكانه على الثلاثين مليون نسمة؟
* هل يعي الملاك الحقيقيون وأرباب رؤوس أموال تلك الشركات مغبَّة هذه الممارسات؟ أم أن القرار لمثل هذه التصرفات الرعناء متروكٌ بيد المدراء العامِّين والتنفيذيين، والذين غالبيتهم من الأجانب - وما أكثرهم - فلا غرابة في أن يشرعنوا لهذا الفعل إذا ما تذكرنا أنه سبق لهم في أوطانهم أن جحدوا نعمة الخالق، فأبدلهم بحكمةٍ منه "سبحانه" لباس الجوع والفاقة، ثم وجدوا فرصتهم في بلادنا لمعاودة هذه الأفعال المشينة - نعم هي عملٌ مشينٌ وما أسوأه وما أقبحه من تصرفٍ يعتصر له قلب الإنسان العاقل ألمًا وحسرةً عندما يشاهد العبث المتعمَّد بإلقاء النِّعَم في الحاويات نتيجة المكابرة وظنًّا ممن أقرَّ هذه الأفعال أن ذلك ممّا سيحمل المستهلك على الإذعان لأهوائهم بفرض الأسعار الباهظة؟
* ألم يكن من الأسلم - على الأقل - إذا كانوا مُصرِّين على الإبقاء على الأسعار الباهظة أن يوعزوا للمسؤولين عن خطوط الإنتاج تخفيض الكميات المعدَّة للأسواق؟
* أليس من الواجب على الجهات المعنية بالمحافظة على سلامة ونقاء وصحة البيئة في الأمانات والبلديات منع مثل هذه التجاوزات، إذا وضعنا في الحسبان أنها حتمًا ستكون لها انعكاساتها السلبية، سواء بملء الحاويات الموجودة في الشوارع وقرب الأسواق التجارية أو في مواقع الطمر الصحي للنفايات، وإيقاع العقوبات الصارمة لمنع تكرار هذه الممارسات الخاطئة؟
*خاتمة:
*قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لسبأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) سورة سبأ، الآية 15.
* وأدعو الله ألا يكون هذا نذير شؤمٍ ومدعاة لأن يحلَّ بنا غضب المولى، ولا أخال الجهات المختصة ترضى بأن يُترك هذا الأمر دون إعادة النظر فيه، والله من وراء القصد.