إذن ليس المقياس هو الأرقام من أجل أن نسمي فلانا ناجحا. بل لا بد من تعريف للنجاح، وهو يكون عن طريق الدين أو الفضيلة أو الأخلاق أو الخير تلك هي المقاييس الحقيقة والتي تبنى عليها المبادئ والقيم. طبعا لا بد من أن نتفق على تعريف الفضيلة والأخلاق والخير. وأما الدين فهو يعرف نفسه بنفسه.
وحتى تتضح الصور أكثر إذا كان النجاح بمقياس الأرقام والجماهير فإن أكبر شخص ناجح منذ وجود الكون هو إبليس! فقد وضع هدفا واضحا ومعروفا لنا جمعيا (حصد أكبر عدد من الناس معه إلى النار) فإذا حقق ذلك سيكون هو صاحب الرقم القياسي والأعلى على مر العصور، فهل نعد هذا نجاحا؟!
إني أتطرق إلى هذه المسألة لأني استغربت من البعض الذين يعدون مؤثرين حين يؤيدون فكرة أن مقياس النجاح هو الانتشار والأرقام والمتابعين بغض النظر عن المحتوى، مع أنهم يقولون: نحن لا نتفق على المحتوى، ولكنهم يتفقون على أن النجاح بالعدد والأرقام والتأثير على المتابعين!!
وانطلاقا مما سلف لا بد مع الأرقام والجماهيرية من جودة المحتوى بمعنى أن يكون منضبطا إما دينيا أو أخلاقيا أو فيه خير للآخرين. نقول ذلك؟ لأن المراهق يعتقد أن أي مشهور في الدنيا هو على صواب لأنه مشهور! وبهذه الطريقة يكون لا قيمة للخير ولا للأخلاق ولا للفضيلة، فإذا فصلنا الأرقام عن المبادئ والقيم ضاع الجيل! لأنه لم يعد هناك مقياس نقيس به الأقوال والأفعال.
علينا أن نتذكر حين نتكلم في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها أننا نتحدث إلى عدة فئات وعقول وأعمار فلا بد من أن نتأنى كثيرا في الطرح، وأن نضبط المفاهيم والأفكار، فهناك عقول ناشئة قد تتعلق بأي كلمة تقال ربما كذريعة لما في النفوس. وهوى النفوس يصرع العقول غالبا!
والذي أعرفه من خلال خبرتي المتواضعة في الحياة أن حقيقة النجاح تأتي بشكل مبسط، ولكن نحن نعقدها ونتكلف في تفسيرها. وقد أوضح لنا القرآن الحكيم ذلك بشكل سهل ويسير، يفهمه العامي والمثقف والعالِم، وهو في قوله عز وجل: «فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ» هذا مثال وتعريف لأهم أنواع النجاح (الفوز) بعمق وبساطة، وبعيدا عن التعقيد والسفسطائية.
abdullaghannam@