للطعام آداب خاصة، ولكن في عصر البث المباشر تغيرت الآداب، فبعد أن كان الشخص يصاب بالحرج من أن يلتقط له شخص ما صورة أثناء تناول الطعام أصبح الفرد يفتح بث مباشرا ليصوره نفسه وهو يأكل الطعام ليربح المال من تفاعل الأشخاص ومن عقود الرعاية لشركات الطعام.
بداية موضة "عروض الطعام"
الكوريون بدأوا "موضة" التصوير أثناء تناول الطعام في عام 2010 عبر شبكة "إفريكا تي في"، وأدخلوا للعالم مصطلح "موك بانج" mukbang والذي يعني باللغة الكورية عرض الطعام، ليتشارك الشخص مع الآخرين أثناء تناوله الطعام في محاولة نفسية للشعب الكوري للتغلب على أيام الجوع، التي شعروا بها أثناء الحرب العالمية الثانية.
ثقافة الطعام بكوريا الجنوبية
يحتل الطعام مركزا هاما في الثقافة الكورية، فالشخص إذا اقترح عليك تناول الطعام معه فهذا دليل على المحبة، ولزيادة الأرباح لعروض بث الطعام يذيع الكوريون عروض البث في مواعيد تناول الطعام الأساسية ليحظون بنسب مشاهدة وتفاعل عالي، وهذا ما أكدته جامعة سيول الوطنية في بحث لها والذي أشار إلى أنه في الفترة من إبريل 2017 إلى إبريل 2019 إلى وجود بحث عن أكثر من 100 ألف مقطع خاصة بعروض الطعام خصوصا عقب زيادة تحديات تناول الطعام والتي يركز أكثرها على تناول شخصين لطعام حار، والفائز سيكون الأسرع في الانتهاء من طعامه مع التركيز على إبراز صوت الشخص عند تناول الطعام لزيادة التفاعلية.
السبب وراء ظهور الموضة
تزايد ظهور عروض الطعام في كوريا عن طريق غير المتزوجين، الذين يشعرون بالوحدة وقرروا مشاركة الآخرين معهم في تناول الطعام وتحدي للآداب الصارمة للطعام في كوريا الجنوبية، ورفضا لفكرة الجسم النحيف الذي تتبناه ثقافة المجتمع هناك، ويحتل مؤدي عرض الموك بانج "بانز" المركز الأول في كوريا من حيث المتابعة والشهرة فلديه أكثر من 3 مليون متابع على قناته بمنصة يوتيوب، ومن المشاهير أيضا الفتاة يانج سوبين التي اتبعت حمية غذائية لإنقاص وزنها.
تدخل الدولة.. ومخاطر بالجملة
دخلت الدولة على الخط في يوليو 2018، وأعلنت كوريا نيتها إصدار إرشادات باسم "التدابير الوطنية الشاملة لإدارة السمنة" لمواجهة الإفراط في تناول الطعام، لكن تلقت الحكومة 40 التماسا ضد هذا الأمر واعتبره البعض تدخل في الحياة الشخصية مما دفع الحكومة إلى التراجع عن هذا الأمر، وتؤدي عادات تناول الطعام بكثرة دون الشعور بالوقت من خلال "موك بانج" إلى ممارسة الرياضة لمدة 12 ساعة من أجل الحفاظ على الوزن.
واعترف نيكولاس بيري، مؤدي موك بانج في عام 2019، والذي يعرف أيضا باسم "بيكوكادو أفوكادو" بأن زيادة تناول الطعام أدت إلى الإسهال المتكرر واكتساب الوزن، لكنه كان أفضل حالا من زميله عمر باليرمو المعروف بـ"YouTubo Anche Io" الذي كان أحد مقدمي عروض الطعام وتوفي في عام 2021 بسبب نوبة قلبية.
السر وراء مشاهدة عروض الطعام
أشارت عالمة الأعصاب، راشيل هيرز، مؤلفة كتاب "لماذا تأكل ما تأكل" إلى أن السبب وراء فضول مشاهدة عروض الطعام هو مزيج من العوامل الحسية والنفسية والاجتماعية والعاطفية والبيئية، مبينة أن العامل العصبي المعروف اختصارا بـ ASMR يجعل العقل يثار ويستمر في مشاهدة مقاطع "موك بانج" نتيجة الاستمتاع بصوت الطعام والشعور بالحميمية، لأن من يتناول الوجبة شخصا عاديا وليس نجما.
تقليد جماعي لعروض الطعام
وانتقلت "الموضة" من كوريا الجنوبية إلى جيرانها في اليابان والصين التي أطلقت على "موك بانج" اسما صينيا يُدعى "شيبو"، ومن بعدها للولايات المتحدة الأمريكية في عام 2015 بعد تبني مؤثرين نفس النهج وبدأوا البث المباشر أثناء تناول الطعام على منصات "يوتويب" و "تويتش" و"تيك توك"، وتبنت شركات مؤثرين أمريكيون يتابعون نظرائهم في كوريا الجنوبية.
مشاهير عرب بفضل الطعام
لم تمر عروض الطعام مرور الكرام على المطابخ العربية الغنية بالأكلات المختلفة، ما دفع المؤثر السعودي "سحس" الذي يوجد على قناته بيوتيوب أكثر 5 ملايين متابع لتقديم مراجعات للطعام، بجانب القيام بتحديات للأكلات المختلفة مع تناول الطعام بشكل غريب ما ساهم في شهرته.
وجاء بعده المؤثر المصري أمير، ويقدم حلقات لمراجعة الطعام مع تقديم جوائز باستمرار لزيادة متابعي صفحته، كذلك المؤثر السوري باسل الحاج الذي يتميز بتناوله للطعام في دول عربية وأجنبية وسط مشاهدات عالية وتفاعل للجمهور معه.
حافظ على طفلك
نصح موقع "ثريلست" الأمريكي بمشاهدة الأهل مقاطع فيديوهات الطعام مع الشباب والأطفال من أجل التعريف بأضرار هذا الأمر وأنه مجرد فرصة للتربح حفاظا على صحتهم وحياتهم، ويكسب بعض الكوريين 10 آلاف دولار شهريا بسبب رعاية مطاعم شهيرة لهم.