تجنِّد حكومة المملكة العربية السعودية في كل عام طاقاتها وكوادرها وإمكاناتها؛ لتوفير سبل الراحة والسلامة، وتحقيق الأمن والأمان لقاصدي بيت الله الحرام من حجاج ومعتمرين، وعملت الدولة على تنظيم الحج، ورعاية الحجاج منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز "يرحمه الله"، فأصبحت خدمة الحرمين الشريفين ورعاية قاصديهما من أبرز واجباتها الأساسية، ولا تنحصر في توسعة الحرمين الشريفين أو شق الطرق والأنفاق وإقامة الكباري؛ لتسهيل عملية تنقل الحجيج، أو توفير خدمات صحية وأمنية، بل تجاوزتها ووصلت إلى وضع برامج ومبادرات حديثة تتوافق ورؤية المملكة 2030 تعمل على تسهيل قدوم الحجاج وأدائهم نسكهم بيُسر وسهولة وأمن واطمئنان، وجاءت (مبادرة الطريق إلى مكة)، والتي أطلقتها وزارة الداخلية لأول مرة عام 1438هـ؛ بهدف توفير أفضل الخدمات لحجاج بيت الله الحرام أثناء قدومهم لأراضي المملكة، وتمَّ تنفيذ المبادرة عام 1438هـ، على عدد ألف وخمسمائة حاج من حجاج ماليزيا؛ بهدف الوصول إلى الحج الذكي من خلال مسار إلكتروني موحد، بدءًا من إصدار التأشيرة، ومرورًا بإنهاء إجراءات الجوازات والجمارك في مطار بلد المغادرة، بعد التحقق من توافر الاشتراطات الصحية، إضافة إلى ترميز وفرز الأمتعة وفق ترتيبات النقل والسكن في المملكة، وعند وصول الحجاج لن يمروا بإجراءات الدخول التي أجروها مسبقًا؛ إذ ينتقلون مباشرة إلى حافلات تنتظرهم لإيصالهم إلى الأماكن المُعدَّة لسكنهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة، أما أمتعتهم فتتولى الجهات الخدمية إيصالها إلى مساكنهم.
وأمام النجاح الذي حققته المبادرة في عامها الأول تمَّ في عام 1439هـ تطبيقها على كافة حجاج ماليزيا، والذين بلغ عددهم ذلك العام نحو أربعين ألف حاج، ثم توسَّعت المبادرة عام 1440هـ؛ لتطبق على حجاج ماليزيا، وحجاج إندونيسيا، وحجاج باكستان وبنجلاديش، وفي هذا العام نرى المبادرة تطبَّق على حجاج خمس دول هي: ماليزيا، إندونيسيا، باكستان، بنجلاديش، المغرب؛ مما يعني أنها جمعت بين حجاج قادمين من أقصى جنوب شرق آسيا، وآخرين قادمين من أقصى شمال أفريقيا.
والمتابع لمبادرة الطريق إلى مكة يلحظ أنها نقلت الحجاج من المطار إلى المسكن مباشرة، سواء كان بمكة المكرمة أو المدينة المنورة، وبرزت نتائجها الإيجابية خلال السنوات الثلاث الماضية؛ مما فتح المجال أمام عددٍ من الدول العربية والإسلامية لتقديم طلباتهم بتنفيذ المبادرة على حجاجهم، وهذه الطلبات تعني أن هناك تطورًا في أنظمة وإجراءات خدمات الحجاج، لمسه مسؤولو شؤون الحجاج بالدول العربية والإسلامية، وهو إشارة إلى أن برنامج خدمة ضيوف الرحمن أحد برامج رؤية المملكة 2030 أحدثت نتائجه نقلة نوعية في خدمات الحجاج، وعكس صورة مشرقة عن المملكة وقيادتها في خدمة قاصدي الحرمين الشريفين من حجاج ومعتمرين وزوار.
@ashalabi1380