ما الذي يجعلنا نغير قناعاتنا.. وهل للعمر دور في ذلك؟
إن الإنسان يولد بلا قناعات عدا فطرة الله التي فطر الناس عليها، ومع الأيام تتشكل شخصيته من خلال محيطه، كالوالدين والأقارب ثم تتسع الدائرة للشارع والمدرسة والمجتمع، ومن خلال هذه المؤثرات والعوامل تتكون القناعات الشخصية لدى كل واحدٍ منّا.
ثم نبدأ بالدفاع عن هذه القناعات المتجذّرة في داخلنا ولا نسمح لأحد بالمساس بها، بل ونتهم من يسأل أو يناقش فيها بأنه بدأ يتبدل ويتغير للأسوأ، لأنه أراد تغيير مفاهيم وقناعات شخصية عشناها وصدقناها بلا دليل أو تساؤل عن صحتها، فلماذا نحاول فرض الوصاية على عقول الناس ونكيل لهم التهم المغلفة والجاهزة...!
إن الإنسان كل يوم يزداد من المعارف، ومع مرور العمر تتغير قناعاته حيال الكثير من الأمور، وحتى نظرته تتغير تجاه بعض المواقف ١٨٠ درجة، فلو رجعنا لبعض مفاهيمنا وقناعاتنا تجاه أمر ما، ونحن في سن العشرين وكيف تغيرت بعد بلوغنا الأربعين مثلا، لعرفنا أن الشخص كلما تقدم به العمر اتسع أفقه، وأصبح متزنا في فهمه للكثير من الأمور، وقلّ عنده حبه للجدل، وأصبح ينظر للأمور بشكل أعمق ومن زوايا عدة.
أعتقد أنه لا بد أن تتغير قناعاتنا وتتجدد، وهذا ليس سلبيا على كل حال فالله ربط تغيير ما بقوم للأحسن حتى تتغير قناعاتهم الداخلية قال جل وعلا: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} الرعد، فالتغيير للمفاهيم والقناعات مطلوب.
البعض يحكم على شخص ما بأنه غير جيد من خلال قناعات رسخت بعقله بسبب كلام فلان أو فلان، مع أنه ربما لم يقابله في حياته، ولو قابله وسمع منه لتغيرت نظرته وقناعاته تجاهه.
يجب علينا عدم تأجير عقولنا لأحد، بل نتعلم ونتثقف وننفتح على الآخر بحدود ما وضعته الشريعة الإسلامية، ولا نستحي من تغيير معتقداتنا ومفاهيمنا تجاه أي قضية أو شخص، فكل أمر عدا الكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة من الصحابة رضوان الله عليهم، قابل للنقاش وللطرح وللتغيير فالقناعات والمفاهيم ليست قرآنا منزلا ولا نصا مقدّسا، نتغير للأفضل ونتجدد للأحسن، ونتقبل «أن الاختلاف في القناعات الشخصية لا يفسد للود قضية»، ننفض الغبار عن مفاهيم مغلوطة رسخت في عقولنا لم ينزل الله بها من سلطان، ونعيش واقعنا الحقيقي ونتقبل التجديد ونطرح الرؤى المفيدة، فالله خلقنا لنعيش حياتنا ووهبنا العقل لنعبده سبحانه وتعالى، ولنفكر به.. لا ليفكر غيرنا نيابة عنا.
@jailanishaiq