يحرص أبناء مكة المكرمة خاصة الطلاب منهم على العمل خلال موسم الحج، رغبة بالمشاركة في خدمة الحجاج دون النظر لمقدار المكافأة المالية التي يحصلون عليها أو المسمى الوظيفي الذي يحملونه، ولهذا فإننا قد نجد طالب الهندسة يعمل ضمن مشروع إرشاد الحافلات، وطالب الطب يعمل مشرفا لموقع بالمشاعر المقدسة، وهكذا فالهدف ليس البحث عن مردود مالي أو مسمى وظيفي بقدر ما هو نيل شرف خدمة ضيوف الرحمن.
والمتابع لأعمال وأنشطة شركات الطوافة خلال موسم حج هذا العام يلحظ خروجها عن الطابع التقليدي المعروف في التوظيف الموسمي، وسعيها للبحث عن الكوادر الوطنية المتخصصة والاستفادة منها في خدمات الحجاج، وهذا ما رأيناه متمثلا في خطوة شركة مطوفي حجاج تركيا وحجاج أوروبا وأمريكا وأستراليا التي سعت لتحقيق مفهوم التوظيف الصحيح للطلاب، من خلال استقطاب طلاب كلية الطب بجامعة أم القرى للعمل في قطاع الخدمات الصحية، فتمت الاستعانة بطلاب من عدة تخصصات كان منها تخصص الجراحة، والعلاج الطبيعي، والتمريض، لم يكن اختيارهم عشوائيا بل بني على دراسات لحالات سجلت في الأعوام الماضية، وتكمن مهمة هؤلاء الشباب أولا في تقديم الإسعافات الأولية للحجاج قبل نقلهم من مقار سكنهم للمستشفى.
وفي جانب آخر نجد أن شركة مطوفي حجاج الدول الأفريقية غير العربية عملت هي الأخرى على استقطاب الكفاءات المتخصصة وبرز ذلك من خلال إفساح المجال أمام أخصائيي التغذية للعمل بقطاع التغذية والذي يتولى التنسيق بين مكاتب شؤون الحج والمتعهدين على قوائم الطعام.
ورغم امتلاك أخصائيي التغذية للخبرات العملية إلا أنهم خضعوا لفترة تدريب نظري وآخر عملي وهذا يعني أن عملية الإشراف على جودة الغذاء المقدم لضيوف الرحمن لم تعد تقليدية بل غدت مرتبطة بأنظمة علمية ومتابعة سلامتها قبل وصولها للحاج.
وفي آخر نجد أن برنامج التطويف المركزي الذي تنفذه الهيئة التنسيقية لمؤسسات أرباب الطوائف، عمل على حسن الاختيار لمن يتولون تطويف الحجاج وسعيهم، فجعل من أبرز شروط العمل به حصول المتقدم على مؤهل جامعي في أحد التخصصات الشرعية، كما يتم إخضاع المتقدمين لدورات تدريبية.
ومن خلال هذه النماذج الثلاثة نلحظ أن عملية اختيار الموظفين لشغل وظائف مؤقتة داخل قطاعات خدمات الحجاج أصبحت تخضع لاختيارات صعبة، وأن قرار تعيين موظف أصبح قرارا بالغ التأثير.
@ashalabi1380