فما هو الحبّ؟
الحب إحساس عظيم يشعره المرء تجاه شخصٍ ما الأمر الذي يجعله ينجذب له عاطفيّا ويتأثر به، فيرغب في مُشاركته جميع لحظات حياته والبقاء معه للأبد، ويرى فيه المرء شريكه أهم أولوياته، وينمو الحب ويزداد مع مرور الوقت، فيروق فيه الحبيب لحبيبه ويُصبح مصدرا للإلهام والشغف وسببا من أسباب السعادة والراحة.
ورغم عدم امتلاك علماء النفس قدرات الشعراء البلاغيّة العاليّة ودقّة الوصف، إلا أنهم اجتهدوا في التعبير عن شعور الحب وتعريفه من خلال الأبحاث العلميّة والتجارب الحيايتّة والعمليّة على الأشخاص الواقعين تحت تأثيره، ولخصوها في التواصل والمُشاركة والدعم الذي تنتج عنه علاقة مُترابطة قوية بين الأطراف.
ويختلف تعريف الفلاسفة للحب حيث اعتبره بعضهم مجرد كلمة لا تُعبّر عن شيء ملموس ومعقول أو مُرتبط بحقيقة واضحة، في حين يرى بعضهم الآخر أنه تأثير قويّ ووسيلة عظيمة للسيطرة على الكيان ورؤية العالم بصورةٍ مختلفة وآخرون فضّلوا عدم تفسيره وتركه في عالمٍ بعيد عن الفضول والتطبيق والبحث، ولكن رغم ذلك لا يُمكن إنكار حقيقة أنّ هذا الشعور أساسيّ وهام.
فلا بأس أن تعيش لحظات شاعرية ولمسات حب دافئة، وتتنعم بحياة سعيدة مع من تحب، فما أجمل المتحابين، وما أصدق مشاعرهما، وما أعذب حديثهما، وما أروع الحياة بهما.
وبما أن تخصصي الجامعي هو في علم الأحياء فلا بد أن يكون للهرمونات نصيب من هذا (الحب وفوضى الهرمون)
كتب العالم الهندي كريشنا سيسهادري في مقال له: إن الحب مزيج قديم من الموصلات العصبية والبيتيدات (جزيئات صغيرة)، وأضاف أن الحب يمر من مراحل مختلفة، إذ أن مناطق مختلفة من الدماغ تصبح نشيطة.
يبدأ الحب بعد انجذاب بين شخصين، يظهر من خلال روح الدعابة والضحك والرغبة في الحديث بينهما. وفي هذه المرحلة، يتم التركيز بشكل كبير على ما يقوم به أحد الطرفين، كما أن مميزات كل طرف يتم تضخيمها في عيون الآخر، في حين تُتجاهل العيوب.
وحسب علم الأحياء العصبية فإنه لا يمكننا القيام بأي شيء أثناء الوقوع في الحب، إذ أن هناك حالة طوارئ مطلقة ومشابهة لحالة الضغط العصبي، لكن بالمعنى الإيجابي. وأن زيادة معدل هرمون الكورتيزول لدى العشاق مهم جدا في تكوين نوعية الرابط بينهما، والذي يتوقون إليه بشدة.
وبعد وقوع شخص ما في الحب، فإن شدة المشاعر لديه تكون مشابهة لتأثير المخدرات، وذلك لأنه في كلتا الحالتين يتم تفعيل نظام المكافأة في الدماغ، ونشعر بقلق أقل ويرتفع المزاج لدينا فضلا عن غياب أي أثر للاكتئاب.
كتب الرافعي كتابا اسمه «أوراق الورد رسائله ورسائلها» ليشرح فيه مشاعره لمعشوقته، وفيما يأتي بعض هذه الخواطر: قد يكون في الدّنيا ما يغني الواحد من النّاس عن أهل الأرض كافّة، ولكنّ الدنيا بما وسعت لا يمكن أبدا أن تغني محبا عن الواحد الذي أحبّه! هذا الواحد له حسابٌ عجيبٌ غير حساب العقل، فإنّ الواحد في الحساب العقليّ هو أوّل العدد، وأمّا في الحساب القلبيّ فهو أوّل العدد وآخره... دمتم بحب.
@m_f1396