يترتب على استغلال النفوذ الإداري مفاسد اقتصادية واجتماعية منها زيادة نسبة البطالة بين الخريجين، وتهميش الكفاءات الوظيفية في التعيينات للمناصب القيادية، وتقريب أصحاب النفوذ الذين يصلون للمناصب والامتيازات الوظيفية والمالية ويكملون دائرة استغلال الوظيفة لمصالحهم وطموحاتهم الشخصية، ومحاربة الناجحين وتقريب الفاسدين ومن يدعم بقاءهم في المنصب.
الفساد هو عدو للتنمية وعائق لمعالجة الفقر الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة. وسوء استغلال نفوذ المنصب يساهم في زيادة الفجوة الاقتصادية والفقر بسبب تمركز الثروة والنفوذ عند فئات تتحصل عليها من خلال استغلال النفوذ الوظيفي والرشوة، ولهذا ألحقت جريمة استغلال النفوذ أو استعماله كما اصطلح عليه المنظم السعودي بالجرائم الملحقة بجريمة الرشوة وذلك لما فيها من إساءة للثقة المرتبطة بالوظيفة العامة، حيث تنص المادة الخامسة من نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/٣٦) وتاريخ ٢٩ /١٢/ ١٤١٢هـ على أن “كل موظف عام طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو لمحاولة الحصول من أية سلطة عامة على عمل أو أمر أو قرار أو التزام أو ترخيص أو اتفاق توريد أو على وظيفة أو خدمة أو مزية من أي نوع يعد مرتشيا ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا النظام”.
مؤخرا جرت تعديلات على أحكام المرسوم الملكي رقم (43) وتاريخ 29 /11 /1377هـ بشأن الجرائم التي تتعلق بحماية نزاهة الوظيفة العامة من حيث استغلال نفوذ الوظيفة صراحة أو ضمنا داخل نطاق العمل الوظيفي أو خارجه ونص على أنه يحظر استغلال نفوذ الوظيفة لمصلحة شخصية للشخص أو لغيره أو للإضرار بالغير وذلك من خلال المنع أو الامتناع عن تطبيق ما تضمنته الأوامر أو المراسيم الملكية أو الأنظمة واللوائح أو قرارات مجلس الوزراء أو تطبيقها على غير وجهها الصحيح أو في غير موضعها متى ما كان ذلك الاستغلال متعمدا وبسوء نية، ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات أو غرامة لا تزيد على عشرين ألف ريال وكذلك من اشترك أو تواطأ معه على ارتكابها سواء كانوا موظفين أو غير موظفين.
من الصعب تنظيم السلوك البشري وبالتالي الوظيفي بدون قوانين حازمة ورقابة وعقوبات، ووفق الحوكمة فإن القادة هم الأساس في تشريعها وتنفيذها والرقابة عليها، لذلك يبدأ الإصلاح الإداري من المسؤولين في المناصب القيادية بوضع المسؤول المناسب في المكان المناسب وفق معايير تفاضلية قائمة على الكفاءة والعدالة والشفافية، وليس التعيينات وفق القرب والمعرفة والمجاملات والمصالح الشخصية المتبادلة التي تعزز من الشللية والفئوية والولاءات المقدمة على الولاء لله ولرسوله ثم للمليك والوطن.
حوكمة القطاع العام سنلامس أثرها كمواطنين عندما ينضبط السلوك الوظيفي من المسؤولين مهما علت رتبتهم مع توضيح صلاحياتهم وتأكيد الامتثال للائحة السلوك الوظيفي مع التأكيد على وجود اللوائح والسياسات المنظمة والرادعة لاستغلال النفوذ الوظيفي وتفعيل المراجعة الداخلية.
@DrLalibrahim