وأما مناسبة الحديث عنه، فإن ثالث يوم أحد من شهر يونيو من كل عام هو «اليوم العالمي للأب». وهذه السنة (2022م) يوافق يوم (19) يونيو. وتحديد يوم الأب يختلف من بلد إلى آخر. وأما القصة وراء هذا اليوم، وبحسب (ويكيبيديا) فإن الأمريكية سونورا لويس قد استمتعت إلى موعظة عن يوم الأم، فأرادت أن تكرم أباها عرفانا له بجميله، حيث قام برعاية أبنائه الستة بعد موت زوجته. ومن هنا انطلقت الفكرة، وانتشرت من دولة إلى أخرى. وإنه من المستغرب أن تقويم الأيام العالمية للأمم المتحدة لا يوجد به يوم مخصص للأب مع أنه مليء بأيام لمواضيع أخرى هي أقل أهمية منه!. وأعتقد أن يوم الأب يستحق أن يأخذ مكانته من ضمن القائمة الرسمية في رزنامة الأيام العالمية لدى الأمم المتحدة.
وبطبيعة الحال، يأتي هذا اليوم كتذكير ورمزية لمكانته في الأسرة. وحين نذكره فلا أقل من أن نذكر عنه أهم وأشهر صفاته ألا وهي الكفاح والنضال في معترك الحياة من أجل رعاية أبنائه وأسرته، وستجد أن أسمى أهدافه تأمين حياة كريمة ومستقرة للعائلة. ومن صفاته أيضا كتمان أوجاعه ومعاناته، وعلاوة على ذلك، فإن الأب هو السند في أوقات الأزمات والصدمات.
ومن الجدير بالذكر، أنه في سن المراهقة والشباب قد ننتقد (بيننا وبين أنفسنا) بعضا مما يفعل أو يقول آباؤنا (ولا نظهر ذلك احتراما لهم) لنكتشف بعد حين أن ما قالوا وفعلوا هو الأصوب والأفضل! ولا مناص من القول إنها تأتي من خبرة الحياة وتجاربها. وقد جاء في الأمثال: أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة. فكيف بمَن يكبرك سنوات ويسبق في الخبرات؟!
ولا بد من الإشارة إلى أن البعض منا يشبه أباه في العديد من الصفات والطِباع، وقد يتبع خطاه حتى يقال: «الولد سر أبيه» أو يقال: «مَن شابه أباه فما ظلم». وقد لا يدرك ذلك في زمن الشباب، ولكن حتما سيجد أثره بعد سن الأربعين!
بالأمس كان الأب هو القدوة والمرجع، وأما اليوم فقد أصبحت التقنية منافسة له في مكانته! وأشدها تأثيرا هي مواقع التواصل الاجتماعي، التي دخلت كل البيوت والعقول! ومع كثرة ظهور هؤلاء المشاهير على هذه المواقع تصبح المنافسة أشد وأصعب من الناحية الفكرية والسلوكية، حتى أصبحت القيم والمبادئ محل تشكيك وتساؤلات!
والخلاصة، فإن الأب في الغالب لا يُعرف قدره وقيمته إلا بعد رحيله أو حين يقع الفأس في الرأس!
abdullaghannam@