برزت قضايا اللاجئين في النصف الأول من القرن (العشرين) مما جعل الدول توقع عام 1951م اتفاقية حول أوضاعهم، وفي الذكرى الخمسين لهذه الاتفاقية عام 2001 احتفل العالم لأول مرة بـ(يوم اللاجئ العالمي)، حيث قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار اتخذته في ديسمبر عام 2000 اليوم العشرين من شهر حزيران من كل عام يوماً عالمياً للاجئين حول العالم، وتقوم المنظمات الدولية والإنسانية والدول في هذه المناسبة عادة بإلقاء الضوء على أحوال اللاجئين في البلاد، التي يتعرض مواطنوها لهذه الحالة والصعوبات التي يواجهونها، ويحتفل هذا العام 2022 بهذا اليوم تحت شعار «إن أي شخص كان وحيثما كان وفي أي زمان كان له الحق في التماس الأمان»، وتؤكد المفوضية السامية للاجئين بهذه المناسبة كما تؤكد ذلك المجتمعات الحرة وجوب معاملة الأشخاص، الذين أجبروا بسبب الحروب والكوارث على الفرار من مساكنهم بشكل يحفظ كرامتهم كما أن كل شخص منهم أياً كانت هويته أو معتقداته التماس الحماية والأمان لأن ذلك حق من حقوق الإنسان لا يجوز المساومة عليه. تؤكد المفوضية السامية للاجئين دائماً أنه «يجب استقبال الأشخاص، الذين يجبرون على الفرار وأن حقهم في البحث عن الأمان يبقى حلاً ثابتاً أينما حلوا كما أنه لا يجوز إجبارهم على العودة من حيث أتوا إذا كان ذلك يترتب عليه تعرض حياتهم للخطر، ويقول المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (جراندي): «إن الهدف من الاحتفال بيوم اللاجئ العالمي يكمن في تسليط الضوء على ما يتمتع به ملايين من الأشخاص من روح معنوية وثبات وهم يسعون دون كلل لتحسين مستوى حياتهم وحياة أسرهم ومجتمعاتهم على الرغم من نزوحهم عن ديارهم وتجردهم من ممتلكاتهم». ومن المؤسف أن الاحتفال بيوم اللاجئ العالمي هذا العام يجيء وقد بلغ عدد المجبرين على الفرار من أوطانهم حسب إحصائية المفوضية ما يزيد على مائة مليون شخص وهو مرشح للزيادة بسبب الظروف الدولية المستجدة بما في ذلك الحرب في أوكرانيا إضافة إلى حالات عدم الاستقرار في أماكن أخرى مثل إثيوبيا وميانمار ونيجيريا وأفغانستان وغيرها في الوقت الذي يستمر فيه عجز المجتمع الدولي عن إيجاد حلول لهذه القضايا مما يزيد حالات اللجوء القسري بحيث تفوق أعداد اللاجئين الجدد وأعداد مَن يستطيع من اللاجئين إيجاد فرصة لإعادة التوطين في البلد، الذي لجأ إليه أو يحصل على فرصة لإعادة التوطين في بلد ثالث، ولذلك فإن إلقاء الضوء على هذه المشكلة، خاصة المزمن منها كما هو حال اللاجئين الفلسطينيين ولاجئي بورما، الذين زادت مدة لجوئهم عن نصف قرن أو أكثر إنما يقصد منها يكون تكوين رأي عام يدعو الدول والمنظمات الدولية ليس إدارة أزمة اللاجئين وتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية لهم فحسب، بل السعي الدائب لإيجاد الحلول السياسية والاقتصادية، التي تنهي معاناة اللاجئين بشكل دائم ويحقق الحقوق الإنسانية لهؤلاء ويقضي على بؤر التوتر وأسباب النزاع ليحل الأمن والأمان والسلام ويحتفل العالم بهذه المناسبة في الأعوام القادمة بأعداد أقل وأقل من اللاجئين وبلاد أكثر وأكثر يحل فيها السلام والوئام والأمن والاطمئنان.
@Fahad_otaish