ذكر التنوخي في المستجاد من فعلات الأجواد: قال قوم من الخوارج لمحمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-: لم غرر بك أبوك في الحروب ولم يغرر بالحسن والحسين؟ قال: لأنهما عيناه وأنا يمينه، فهو يدفع عن عينيه بيمينه. كم نحن بحاجة لمحمد بن الحنفية في عائلاتنا، فنحافظ على علاقاتنا مهما حدث من سوء تفاهم لابد أن يحدث، وقد نكون نحن سببه لو ملكنا الإنصاف. في عالمنا اليوم يوجد مَن قاطع إخوانه وأخواته لاختلاف في وجهات النظر، أو لمشكلة أطفال حدثت، أو لخلاف مالي مهما بلغت قيمته لن تكون بقيمة بقاء روابط الإخوة العظيمة دنيا وآخرة، والمشكلة عندما يأتي أولاد الأشقاء فيزيدون الطين بلة، والمشكلة أيضاً عندما يفرح الشامتون والشامتات فيزيدون النار اشتعالاً. لن يكون شقيقك أنت، ولا شقيقتك أنت، ولذلك لابد من قبول الأخ مهما كانت الاختلافات، بالصبر وسعة الصدر والنفس الطويل في إصلاح الأخطاء، وتغليب جنة الإخوّة على جحيم القطيعة. من القصص الجميلة، التي قرأتها: قصة أخوين عاشا لمدة طويلة في اتفاق ومحبة يتشاركان فلاحة مزرعتهما، ثم حدث بينهما سوء تفاهم طفيف أدى إلى القطيعة، وفي ذات صباح قُرِع باب الأخ الكبير، فإذا رجل يحمل أدوت النجارة يقول له: إني أبحث عن عمل ورأيت أنك قد تحتاج إلى بعض الترميمات الطفيفة، وقد أكون مفيداً لك، فأجابه الأخ الأكبر: نعم أنظر إلى طرف النهر، حيث يعيش جاري أعني أخي الصغير، حتى الأسبوع الماضي كان هنالك مرج بديع غير أنه حوَّل مجرى النهر ليفصل بيننا، لقد قصد ذلك لإثارة غيظي غير أنني سأدبر له ما يناسبه!! أترى ذلك الخشب المكدَّس أريدك أن تبني جداراً ارتفاعه متران كي لا أراه أبداً؟
أجاب النجار: يبدو أني فهمت الوضع. ساعد الأخ الأكبر النجار في كل ما يلزمه لبناء الجدار ومضى ليتبضع في القرية، في المساء عاد فوجد أن النجار كان قد أتم عمله، ولكنه لم يجد جداراً فاصلاً، بل وجد جسراً بني بدقة وإتقان يصل بين المزرعتين عبر النهر، في تلك اللحظة أتى الأخ الصغير يعانق أخاه وهو يقول: يا لك من أخ رائع! لقد بنيت هذا الجسر رغم القطيعة التي بيننا، طلبوا من النجار أن يبقى، فلديهما الكثير من العمل، ولكنه قال: كنت أتمنى البقاء لولا كثرة الجسور التي تنتظرني.
حافظوا على جسوركم، وابحثوا عمن يبنيها لا مَن يدمرها.
@shlash2020