بالأمس القريب ضجَّت وسائل التواصل الاجتماعي بقضية فتاة يافعة في العشرين من عمرها، تدمرت حياتها، ورأت المرارة والقسوة بعد هروبها من وطنها للخارج متوّهمة أنها ستجد الحرية والحياة السعيدة والمال والمكانة وتقدير الذات، بوعود كاذبة وكلمات مسمومة غُرست في عقلها، وظهرت في مقاطع وهي تبكي بحرقة وألم وندم، وتقول بملء فمها: «خدعوني وضحكوا عليّ وتركوني وتخلّوا عني وأريد العودة لوطني بعد أن اكتشفت أنني خُدعت»...!
إن المسؤولية الأولى تقع على الوالدين في حُسن تربية الأبناء ومعرفتهم عن قرب، والانتباه لما في أيديهم من هواتف ذكية فيها برامج وألعاب قد تُفسد عقولهم، ويعيشون في عُزلة اجتماعية عن أهلهم وهم بينهم ولا يشعر الآباء بذلك، فهل من لفتة للأبناء خصوصًا المراهقين لانتشال مَن وقع في براثن هذه البرامج والألعاب وإعادته لأسرته ومجتمعه...؟
كما أن المسؤولية كذلك على المربين وأصحاب المؤسسات التربوية والتطوعية، إدخال الشباب وإشراكهم في التطوع، فهو يهذّب سلوكهم ويعزز فيهم العمل الجماعي، والتواصل الجسدي مع المجتمع، ويشعر بأهميته ويرى أثر ما يقوم به واقعًا ملموسًا، وأيضًا عقد الندوات الحوارية المفتوحة من الجهات المختصة، وجعل الشباب هم مَن يديرها ويطرحون من المواضيع التي تعنيهم، ثم يكون من التربويين من يصوّب ويصحّح، وتغطى إعلاميًّا وتُنشر في وسائل الإعلام المختلفة، لتنتشر بين الشباب، ويكون هناك حِراك شبابي إيجابي هم مَن صنعه ووضع الأطر والمحاور له، فيحصل "بإذن الله" الإثراء والمنفعة الكبيرة.
وأختم بتحذير أبنائي وبناتي من تصديق الشخصيات المجهولة الظلامية، والتي لا تجرؤ على الظهور للناس، ويتخفون خلف معرّفات وهمية لبث سمومهم وأفكارهم الخبيثة بالتحريض على الخروج من الوطن، ولو كانت الكلمات معسولة، وفيها كلمة حق مُزجت بألف كلمة باطل، ليستخدموا أبناءنا ويخدعوهم؛ بهدف تفكيك مجتمعاتنا، وزرع الفرقة وشق الصف، وهناك جماعات متطرفة تتبنى هذه الأهداف، ولكنهم، بفضل الله، ثم بوعي شبابنا لن يصلوا لمبتغاهم وسيجدون أبناء هذا الوطن صفًّا واحدًا خلف قيادتهم، وسدًّا منيعًا بوعيهم وحبهم لوطنهم.
@jailanishaiq