عالمياً عانت المرأة من تمييز في الفرص المهنية مقارنة بالرجل كان لأسباب اقتصادية من ذلك ارتباط المسؤولية المالية بالرجل من نفقة وإعالة لأسرته، أو اجتماعية منها حصر أدوار المرأة في الدور الأسري والتربوي، أو رفض عمل المرأة بكثير من المهن اعتقادا بأنها غير ملائمة لها، أو ستمنحها الاستقلالية وتشجع التمرد على دورها الأسري، وكذلك للعوامل البيلوجية والفسيولوجية في القدرة البدنية والحمل والإنجاب. والبعض ربط التمييز في تمكين المرأة للشرع رغم أن السيرة الإسلامية تشير لوجود صحابيات كن يقمن بأدوار مهنية متعددة، وبعضها قيادي أو تجاري منهن السيدة خديجة -رضي الله عنها- وأنها بمفهوم اليوم تاجرة وسيدة أعمال على سبيل المثال لا الحصر، وبالموروثات الإدارية المتأصلة، فإن المجاملات والتحيز واستغلال نفوذ السلطة له دور كذلك في تمكين المرأة.
حققت المملكة إنجازات ملموسة في تمكين المرأة وصلت مؤخرا لدخولها مجلس الوزراء بتعيين معالي المحامية شيهانة العزاز نائبا للأمين العام لمجلس الوزراء، وكان هذا الخبر من أكثر الأخبار تداولا بين التعيينات في نفس اليوم لكونها أول امرأة تدخل مجلس الوزراء، وللفضول في معرفة من هذه الفتاة الشابة، التي لم تتجاوز 36 ربيعا بسيرة ذاتية تنم عن شخصية قوية تعرف أين تضع قدمها لتحقق الإنجازات بتميز يشهد لها بما حققته من مكانة في سلك القانون والمحاماة والاستثمار وبتنوع عالمي وإشادة جعلتها محل تقدير في محافل ومجلات عالمية، وتذكر الناس فيها جملة والدها الراحل الصحافي المصور صالح العزاز، الذي كان يقول «الشيهانة بوصلة قلبي» وقد توفى شابا بعد اكتشاف إصابته بورم سرطاني في المخ لم يمهله طويلا ليلفظ أنفاسه في عام 2002 عن عمر يناهز 43 عاماً تاركاً أرملة شابة هي الدكتورة بدرية القبلان وخمسة أطفال 4 بنات وولد واحد، أكبرهم الشيهانة، ما يجعلنا نستشعر الظروف، التي مرت على ابنته حتى تكون بهذه الشخصية السابقة لعصرها في اختيار مجال القانون والمحاماة، الذي كان حكرا على الرجال في المملكة والإصرار والمثابرة لتدعم خبرتها في مؤسسات بدول عدة حتى تعود لوطنها بوظيفة حكومية بموقعها الوظيفي في صندوق الاستثمارات وتثبت نفسها وقدراتها كي تتأهل للثقة الملكية في موقع حساس.
أغلب الانطباعات عن تعيين الشيهانة إيجابية اجتهدت فيه محركات البحث لتعرف مَن هي هذه الفتاة العملية بحجمها الصغير وملامحها الطفولية وعينيها الذكية المتوقدة، التي وصفت بصانعة الصفقات، مترحمين فيها على والدها المصور صالح العزاز، الذي صوره مسلسل «العاصوف» في التسعينيات وهو بكاميرته، وصفاته وشخصيته، التي ورثتها ابنته الشيهانة بأنه سابق لعصره.
دخول المرأة لمجلس الوزراء هو حدث وطني في مسار تمكين المرأة القيادي، فكيف لو كانت لسيدة أثبتت نفسها بقدراتها وبسيرة ذاتية مشرفة، وأحد مكامن الجمال في سيرتها بأنها سيدة من المجتمع ولعائلة فاضلة كل منهم تميز بمجاله.
لعقود احتكرت كثير من الوظائف للرجال، وحتى بتمكين المرأة لايزال تمكين المرأة في القيادة بمعايير غير واضحة في وضع المرأة المناسبة في المكان المناسب معززة للتنافسية الشريفة والتعاقب الوظيفي المنطقي لمَن يخدم الوظيفة أولاً، وليس تخدمه الوظيفة، وهذا ما نطمح له في التمكين للجنسين، وكذلك لتمكين المرأة، الذي نتفاءل فيه بأن تعيين الشيهانة مؤخرا بوصلة له.
@DrLalibrahim