[email protected]
يعتبر موسم الحج بكل مقياس ومعيار أكبر تجمع بشري مشهود، حيث يجتمع المسلمون فيه لأداء ركن من أركان عقيدتهم الإسلامية السمحة، والموسم فرصة سانحة للنظر في أوضاع المسلمين وأزماتهم العالقة وخلافاتهم الهامشية لطرحها في هذا الحشد الهائل لحلحلتها ومحاولة تجاوزها في وقت تكالبت فيه قوى الشر والطغيان ورؤوس الفتن بكل مكان في محاولة يائسة للنيل من عقيدة المسلمين وصرفهم عنها، وعيد الأضحى السعيد مناسبة لنصرة القضايا الإسلامية، ودعمها والانتصار لها، وتأييد مساراتها المباركة ليعود المسلمون إلى سابق مجدهم وقوتهم ومنعتهم في زمن البقاء فيه لكل تجمع وتكتل، وقد حثت عقيدتنا الإسلامية بكل تشريعاتها وتعليماتها ومبادئها القويمة على التمسك بوحدة الكلمة والصف والأهداف المشتركة بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فلن تقوم لهم قائمة الا بتدارس أوضاعهم وتجاوز خلافاتهم والعمل على توحيد صفوفهم ورأب الصدع فيما بين دولهم لنصرة عقيدتهم وإعلاء شأنها بين أمم الأرض وشعوبها.
غير أن تلك الأهداف السامية لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع إلا إذا غير المسلمون ما في نفوسهم مصداقا لقول رب العزة والجلال في محكم تنزيله الشريف من سورة الرعد: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، ويقتضي التغيير المنشود العودة إلى أحكام العقيدة الإسلامية وتطبيقها في كل أمور المسلمين وشؤونهم والأخذ بالاستقامة وإفشاء أسباب المحبة والتعاون والتكافل والتكامل فيما بين مجتمعاتهم، فإذا ما استقام المسلمون بالرجوع إلى روح عقيدتهم، فإن مشيئة المولى القدير سوف تغير ما في نفوسهم إلى الأفضل والأكمل، فالابتعاد عن المعصية إلى الطاعة والأخذ بمفاتيح الإيمان وتعميق جذور الخير في النفوس والقلوب، والعودة إلى إصلاح أمورهم هي من أهم علامات التغيير، التي سوف تؤدي بإذن الله وتوفيقه إلى نبذ فرقتهم وشتاتهم وتجمعهم حول كلمة سواء تمثل انتصارهم على نزعاتهم والعودة إلى حياض عقيدتهم الخالدة.