وسُمي اليوم الثامن من ذي الحجة بـ"التروية"، لأن الحجاج كانوا يشربون فيه المياه أي "يرتوون" فيه من الماء، ويحملون الرَّوَايَا إلى منى، تمهيداً للانتقال إلى عرفات.
مشقة ومعاناة
ومع موسم الحج يتجدد الحديث عن حكايات وصور الحج قديماً، والتي أظهرت مشقة الحج في الماضي عبر الدواب أو الحافلات القديمة، والطرق التي كان يسلكها الحجاج محفوفة بخطر السيول والأمطار.
وكان الحجاج يعانون قديمًا إذ يغادرون مناطقهم سواء من الجنوب أو الشرق عقب عيد الفطر في رحلة تستغرق شهرين على الجمال ومشياً على الأقدام، وكان بعضهم يموت في الطريق قبل الوصول إلى المشاعر، بسبب المرض أو لدغ الثعابين، وكانوا يمشون في جماعات خوفاً من مخاطر الطرق.
الهودج
وسائل النقل في الحج آنذاك اعتمدت على طرق بدائية كالجمال، تبدأ من جدة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة "عرفاتـ- مزدلفة- منى".وكان للجمالة هيئة يطلق عليها "هيئة المخرجين"، تتولى مسؤولية إحضار الجمال والجمالة، وتتبعهم جماعة أخرى تعرف بـ"المقومين" وهم الذين يقدروا حمولة الجمل.
أما الطرق البرية التي تسلكها قوافل الحجاج فكان يطلق عليها الدروب، وهي درب السيدة زبيدة، ودرب الحاج المصري، ودرب الحاج الشامي (دمشق/ المدينة المنورة).
عهد الأمان
بعد أن تأسست الدولة السعودية ودخل الملك عبدالعزيز "رحمه الله "مكة المكرمة، كان همه الأول بسط الأمن وتأمين طرق الحجاج.
وأصبح هناك طريقان إلى مكة؛ واحد للسيارات وآخر للجمال والمشاة، وتسير الجمال في قوافل، وهي تحمل بضائع شتى في الصناديق والأكياس والغرائر، وليس معها سوى طفل واحد هو كل حرس هذه القافلة.
ووسائل النقل الرئيسية في الحج كانت بعض السفن والإبل التي تجر بعضها العربات والسير على الأقدام، ولكن في أغلب الأحيان يفضل الحجاج السير على الأقدام نظراً لعدم قدرة الأغلبية منهم على تكاليف السفر بالإبل في الصحاري، ما كان يضطرهم لمواجهة مشاق السيول والأمطار والعواصف والبرد القارس والجوع وقلة المياه.
وفي عام 1372ه اعتمدت المملكة نظام نقابة السيارات لنقل الحجاج إيذاناً بدخول الحافلات، وإنشاء شركات تتولى نقل الحجيج بين مدن الحج الثلاث.
المترو
ومواكب الحجيج قبل عقود، تتنقل عبر الصحاري والقفار ويسلكون الأودية والشعاب، راجلين أو راكبي الخيول والجمال، ثم استخدمت السيارات في الوصول إلى المسجد الحرام والمشاعر المقدسة مع وعورة الطرق.وبعد الهوادج المشدودة على ظهور الدواب حين كانت تقل الأجداد في ترحالهم إلى المسجد الحرام والمشاعر المقدسة، ملبين نداء الرحمن لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام والدخول في عصر القطارات "المترو" وسيلة النقل الحديثة المكيفة بقيادة آلية كهربائية على جسور تمتد عبر المشاعر المقدسة في مقطورات سعتها (3000) حاج وسط راحة وطمأنينة للحجيج في تنقلهم في دقائق بين المشاعر.
تجوب الأودية وسفوح الجبال بسرعة 120 كلم في الساعة في المشاعر المقدسة بين عرفة ومزدلفة ومنى في نقلة نوعية لخدمة ضيوف الرحمن ابتداء من حج العام 1431هـ.
ويتكون قطار المشاعر حاليا من 17 قطارًا، تضم 204 عربة، وتستوعب كل عربة منهم 300 راكب.