طرق رئيسية
وكانت هناك طرق رئيسية يأتي إليها الحجاج من كل أنحاء الدول الإسلامية، وبداية من عهد الخلفية عمر بن الخطاب كان الاهتمام بهذه الطرق، فأُنشئ الاستراحات والنزل في المدينة المنورة ليتمكن الحجاج والمارة من النزول بها خلال سفرهم.درب زبيدة
الأشهر في تاريخ دروب الحج ومساراتها، واشتهر بهذا الاسم نسبة إلى السيدة زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد التي أسهمت في عمارته فخلد ذكرها على مر العصور.يُعرف أيضاً هذا الطريق الذي بلغ طوله 265 كيلومتراً بـ"الدرب الكوفي" وكان من أهم طرق الحج والتجارة خلال العصر الإسلامي، وأخذ في الازدهار على مدار العصر العباسي، إلى أن أقيم على امتداده محطات واستراحات رئيسية بلغ عددها 27 محطة ومثلها محطات ثانوية.
تخللها آبار وأحواض وخزانات مياه وأرضيات حجارة وعلامات ومواقد وأعلام توضح مساره وحصون، فضلاً عن توسعته للحجاج ودوابهم، وأصبح حلقة اتصال مهمة بين بغداد والحرمين الشريفين وبقية أنحاء الجزيرة العربية.
مثّلت المنشآت المعمارية على طول الطريق نمطاً معمارياً فريداً للعمارة الإسلامية لتميزها بدقة التصميم وجودة التنفيذ، إذ بنيت قصور الطريق وحاناته بجدران سميكة وزودت بالمرافق والخدمات، بنيت البرك بأشكال مستطيلة ومربعة ودائرية.
بعد عصر الخلفاء الأقوياء تعرض الطريق لهجمات القبائل والقرى المحلية الثائرة، وشهدت بعض المحطات أعمال تخريب وتدمير، وبعد سقوط بغداد على أيدي المغول عام 656هـ/ 1258م تعطل الطريق واندثرت معظم محطاته وأصبحت مجرد أطلال.
طريق البصرة- مكة المكرمة
هو ثاني أهم الطرق إلى مكة، ويربط مدينة البصرة العراقية مروراً بشمال شرق الجزيرة العربية إلى أن يحازي "طريق الكوفة- مكة المكرمة" حتى يلتقيان عند محطة أم خرمان "أوطاس".بلغ طوله نحو 1200 كليومتر، وعلى امتداده كانت توجد 27 محطة رئيسية 4 منها تقع ضمن الحدود العراقية والكويتية، أما باقي محطات الطريق فتقع في أراضي المملكة العربية السعودية.
وما ميّز الطريق وجود الآبار والسدود والقصور المهمة، وسلكه عدد من الخلفاء في رحلتهم إلى الحج مثل أبي جعفر المنصور وهارون الرشيد، غير أن الطريق دخل منذ نهاية العصر العباسي الأول مرحلة الإهمال. ولم يبق من آثار الطريق إلا بعض الآبار والسدود والقصور المهملة.
الطريق المصري
يأتي ثالث الدروب إلى مكة المكرمة، ويسلكه حجاج مصر والمغرب والأندلس وأفريقيا، وكان لحجاج مصر طريقان بعد رحلتهم من مدين أحدهما داخلي والآخر ساحلي، وأقيمت 7 آبار على امتداده في لخدمة الحجاج، كما بنيت مساجد ببدر على أيدي ملوك مصر، كما أقيمت بركة وقناة بخليص.وأهم ما يميزه وجود مئات النقوش العربية على هذا الطريق ونقشها الحجاج على صخور في محطاته وعلى طول مساره تذكارا لمرورهم، والآثار المعمارية مثل بركة النابع وآبار بلاطة.
الطريق الشامي
كان يربط بلاد الشام بالأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وعرف باسم التبوكية نسبة إلى بلدة تبوك التي يمر عليها، ويبدأ مساره من دمشق ويمر ببصرى الشام "درعا"، ولم يتغير مساره بين تبوك والعلا طوال العصور الإسلامية، إلا أن بعض محطات هذا الجزء حملت أكثر من اسم.واهتم الخلفاء الراشدون والأمويون بعمارة الطريق الشامي فوضعوا العلامات والمنارات على طول مساره، وبنوا البرك والصهاريج والقنوات، وازدهرت مدن الطريق ومحطاته، وبخاصة الواقعة في منطقة وادي القرى مثل العلا وقرح والرحبة والسقيا.
شهد الطريق فترة حرجة في تاريخه بسبب وجود الصليبين في بلاد الشام بداية القرن السادس الهجري، كان الصليبيون يهددون أمن الطريق ويهاجمون قوافل الحجاج التي تسلكه من قلاعهم في الكرك والشوبك واستمرت ممارساتهم إلى أن سقطت قلعة الكرك في يد صلاح الدين سنة 584 هـ/ 1188م.
وبوصول الأيوبيين عاد النشاط والاستقرار إلى الطريق ونال اهتمامًا كبيرًا من ملوك دمشق الأيوبيين وخلال العصر المملوكي نال الطريق اهتماما متزايدا.
طريق الحاج اليمني
من طرق الحج التي ربطت بين اليمن والحجاز منذ العصور القديمة، وكان حجاج اليمن يسلكون ثلاثة طرق هي الطريق الساحلي والطريق الداخلي أو الأوسط، والطريق الأعلى، ولكل منها مساراته ومحطاته، ومتاعبه التي عاناها الحجاج قرونا طويلة.ومن أهم الطرق التي كانت مفضلة لدى الحجاج القادمين من طريق اليمن، الطريق الذي يمر بشمال اليمن ويخترق منطقة عسير الجبلية إلى أن يصل إلى الطائف ثم إلى مكة. وفي نقطة محددة يلتقي حجاج اليمن والبصرة والبحرين، ثم يفترقون بعدها إذا انصرفوا من الحج.
طريق البحرين اليمامة
أحد الروافد المهمة لطريق حج البصرة، لما له من أهمية، إذ إنه يعبر الأجزاء الوسطى من الجزيرة العربية، ماراً بالعديد من بلدانها وأقاليمها.ويربط بين الحجاز والعراق مركز الخلافة العباسية، وحظي حجاج هذا الطريق برعاية الدولة الإسلامية، خصوصاً في توفير الخدمات المهمة، وحماية الحجاج السائرين عليه من أي اعتداء يقع عليهم من قطاع الطرق.