وأما بالنسبة لعيد الحج أو عيد الأضحى، الذي يسميه البعض العيد الكبير. فهو كبير حقا لأنه يشتمل على أيام النحر والتشريق. وسبب تسميته بالتشريق لأن العرب كانت تقطع اللحم أجزاءً صغيرة، وتعرضه للشمس حتى يجف ويصبح قديدا (من أجل بقاء اللحم لمدة أطول حتى لا يتعفن) فهو عندهم يعني تشريقا. وهي تسمى أيضا بالأيام المعدودات، التي جاء ذكرها في القرآن الكريم. وهي أيام فاضلة ومباركة، وهي من خير أيام الدنيا، حيث جاء في الحديث الشريف قوله عليه الصلاة والسلام: «يومُ عرفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ عيدُنا أهلَ الإسلامِ وهي أيَّامُ أكلٍ وشربٍ». وجاء كذلك في الحديث النبوي: «أعظمُ الأيامِ عند اللهِ يومُ النَّحرِ، ثم يومُ القُرِّ». أي يوم العاشر والحادي عشر.
والعيد عموما هو مناسبة للمسرات والفرح، ومن جميل ما ذكر عنه ما نقل عن الشيخ الأديب علي الطنطاوي -رحمه الله- أنه قال: «العيد في حقيقته عيد القلب، فإن لم تملأ القلوب المسرة، ولم يترعها الرضا، ولم تعمها الفرحة كان العيد مجرد رقم على التقويم».
والعيد سوف يأخذ حيزا من الإجازة! وسيتبقى منها ما يقارب من سبعة أسابيع، وهناك مَن سيتخذ من الراحة وكثرة النوم هدفا طوال الإجازة! وتلك قد تصيب الإنسان بسآمة وملل، وقد قيل: إذا كان الشغل مجهدة، فإن الفراغ مفسدة. والوقت سيمضي في كلتا الحالتين على المنشغل أو المتململ من الفراغ.
وأما وقع الإجازة الصيفية هذه السنة على الموظفين فسيكون صعبا لضيق الوقت. وسيكون خروج الأغلبية منهم للإجازات في فترة وجيزة أمرا عسيرا وعويصا، وهذه إحدى المسائل التي تحتاج إلى نظر ومراجعة. وهي تحتاج أيضا إلى تنسيق مبكر جدا، وتعاون من أجل المحافظة على وتيرة العمل بدون تعطيل للمصالح أو المعاملات، وإن كنا اليوم نقضي جل معاملاتنا وإجراءاتنا بشكل مباشر (أونلاين).
وأما الطلاب والطالبات، فإذا لم يحسنوا التخطيط والاستفادة منها، فسوف تكون سريعة جدا عليهم كمَن غفا قليلا ثم استيقظ ليعود من جديد إلى موسم الدارسة.
والإجازة صنو الوقت (الصنو: الغصن الخارج عن أصل الشجرة، وقد جاء بالقرآن الكريم لفظ: صنوان وغير صنوان). والوقت والحياة، هما أعز ما نملك، وأسهل ما علينا يضيع. فبالأمس استقبلنا السنة الدراسية الجديدة، واليوم ها نحن نودعها. لقد مرت سنة كاملة كمر السحاب؟ وغدت كأنها شهر، والشهر كأنه سبعة أيام. وأما اليوم الواحد فنشعر بأنه ساعة من نهار! وصدق الله سبحانه وتعالى حين قال: «قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ* قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ».
والحقيقة أن الحياة والوقت لا ينتظران أحدا، ولا يكترثان لأحد! وسواء استفدنا من أوقاتنا أو أضعناها، ففي كلتا الحالتين سيمضي الوقت ليصبح جزءا من الماضي، والنتيجة إما أن نتحسر عليه! أو نتذكره ونحن نبتسم حين نبذل فيه ما نستطيع.
abdullaghannam@