وأشارت إلى أن جُل مَن يصغن تلك الأهازيج من النساء اللاتي كانت تسود بينهن الأمية، فكانت أهازيجهن تعتمد على الفطرة والسليقة حول موضوعات فرضتها ظروف الحج، كالتعبير عن الشوق للأزواج الذين خرجوا لتأدية الفريضة، أو لتعميق الإحساس بالطمأنينة، أو للتعبير عن الفرح والسرور بتلك المناسبة الجليلة، سواء كان تعبيرًا خاصًّا أو عامًّا، كما أن لكل منطقة أهازيجها الخاصة للتعبير عن الفرحة والسرور بفريضة الحج، والاختلاف يأتي من اختلاف البيئات أو اللهجات، فلكل منطقة ظروفها وعاداتها وتقاليدها، ولكنها تجتمع في مناجاة الله «عز وجل»، وطلب غفران الذنوب، والتوسل إلى الله بأن يرزقهم الوقوف بعرفات.
لحظات مهيبة
وأوضحت أنه لا يمكن أن نطلق على أهازيج الحج شعرًا، وأضافت: الشعر يتكلف صاحبه في نظمه من خلال الوزن والقافية، أما تلك الأهازيج، فهي من النثر الذي يصلح لجميع مناحي الحياة، ولكن شعيرة الحج العظيمة كانت مصدرًا لإلهام كثير من الشعراء والفنانين والملحنين، الذين تُعدّ أعمالهم في الوقت الحاضر جزءًا من التراث الشعبي الذي لا يمكن إغفاله لتوالي عدة أجيال عليه، فوضعوا أناشيد خاصة بالحج والحجيج، وتغنُّوا بتلك اللحظات المهيبة، فمن المملكة سراج عمر «أهلا بوفد الخير، ويا حاج بيت الله، وجينا لك يا رب البيت»، وغازي علي «حجينا وجينا»، وطلال مداح «يا حج يا مبرور»، وعلى المستوى العربي أم كلثوم «إلى عرفات الله»، ومحمد قنديل «اللي اتوعد يا هناه»، وكل تلك الأغاني موثقة تناقلتها الأجيال جيلًا بعد جيل.
ارتباط بالتراث
وتابعت: كما تنوَّعت أغاني الحج التي ارتبطت بالتراث، وهي عبارة عن أغانٍ شعبية أخذت كلماتها ونغماتها من طابع حداء الإبل، وبعضها جرى توثيقه على أيدي بعض الباحثين الذين تصدُّوا للتوثيق حفاظًا على هذا التراث من الانقراض، وهناك الكثير لم يوثق؛ لأنه مجهول المؤلف ولكن تناقلته الشفاه، وظل بعضه باقيًا في صدور من توفي ولم يستنطق منهم قبل الوفاة.