يدفعنا اهتمام الولايات المتحدة وبعض الدول الصناعية بفتح المجال لشركاتها في المناقصات الحكومية للدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية إلى السؤال عن مستقبل الشركات التابعة للدول النامية والأقل نموا بعد دخول الشركات العملاقة إلى أسواق الدول النامية والأقل نموا لمنافستها في المناقصات الحكومية. وستجد الشركات المحلية في الدول النامية والأقل نموا نفسها خارج سرب المنافسة لقلة خبرتها فهي في وضع لا يساعدها على مواجهة المنافسة القوية من الدول النامية في هذا المجال الاستثماري.
ويتصف اتخاذ القرارات في المنظمة بهيمنة الدول الصناعية المتقدمة، لذلك يجب أن تتخذ هذه القرارات بشكل تشاوري عادل يخدم المصالح العامة للدول الأعضاء. إن الطريقة التي تحل بها النزاعات التجارية ليست على مستوى منصف يخدم جميع الأعضاء لكونها وضعت بضغوط ورغبات الدول الصناعية المتقدمة، لذلك يستوجب الأمر إعادة النظر فيها لتتحقق العدالة والمصالح العامة للاقتصاد العالمي. ويجب أن تنتهي الهيمنة في صنع القرارات التي تحدد مسار الاقتصاد العالمي وأن تمنح الدول الأعضاء النامية الأقل نموا الوقت الكافي لتصحيح وضعها الاقتصادي إذا كان الهدف بالفعل تصحيح وتكامل الاقتصاد العالمي من أجل نمو اقتصادات الدول النامية والأقل نموا التي تساهم في نمو الاقتصاد العالمي.
ستمنح مقايضة المصالح في التبادل التجاري دولة معينة القوة في مجال أو صناعة ما بينما تمنح دولة أخرى القوة في صناعة أخرى، وبهذا المبدأ العادل تستفيد كل دولة من مبدأ التكامل الاقتصادي. فالتنازلات التي تقدمها الدول الصناعية المتقدمة للدول النامية والأقل نموا سوف تساعد على نمو الاقتصاد العالمي. وكذلك قد تكون هناك تنازلات في المقابل من الدول النامية والأقل نموا للدول الصناعية المتقدمة، لكن يجب أن يكون الهدف هو تعظيم كفاءة الاستفادة من الثروات العالمية وليس الاستبداد بها.
تواجه الشركات الصغيرة في الدول النامية والأقل نموا مشاكل عديدة ما يجعلها تقع تحت ضغوط الدول القوية. لا تقتصر مشكلتها على مهارات الموارد البشرية والتقنية والتمويل، بل تشمل الضعف في المفاوضات التجارية، حيث يعد نقص الخبرة التفاوضية والقانونية ضعفا إستراتيجيا يجعلها غير قادرة على المشاركة في الاجتماعات شبه الأسبوعية للمنظمة التي تعقد في جنيف. وتعرف هذه الاجتماعات باجتماعات (40-50) عضوا من كل دولة مشاركة.
المشكلة ذات جوانب متعددة ومعقدة ما يتطلب توافر فريق فني وقانوني متكامل لكل دولة ليساعدها على تكافؤ المفاوضات والاستفادة من عضويتها في المنظمة. إن توافر الخبرة الفنية والقانونية والإدارية بعدد متواضع من المفاوضين لا يعني بالضرورة قدرة الدول النامية والأقل نموا على التفاوض بنجاح. وأيضا توافر العدد الكافي (40-50 فردا) في كل وفد مفاوض من غير توافر الخبرات القانونية والفنية لا يوفر للدولة المشاركة النجاح. إن تأثير هذه المشكلة واضح على ممثلي الدول الذين يحضرون الاجتماعات الدورية للمنظمة عندما يقدمون إليها غير مستعدين، حيث يتصف حضورهم في معظم الأحيان بحضور المتفرجين.
تواجه الدول النامية والدول الأقل نموا مشكلة في الحصول على الموارد المالية والبشرية لحل النزاعات التجارية لأن الخبرات القانونية التي إن توفرت تكون مكلفة. النظام التجاري لحل النزاعات لا يتناسب ولا يتفق مع حاجات الدول النامية والدول الأقل نموا، لذلك يتطلب منها غربلته لمواجهة التطورات المتجددة للدول الأعضاء بعدالة. إن تنوع واختلاف ظروف وحاجات الدول الأعضاء النامية والأقل نموا يستلزم أن يكون في الاعتبار.
كلية الأعمال KFUPM