أن ينتهي العام الدراسي هذا متوقع، ولكن أن ينتهي بذكريات غير محصورة العدد بذاكرتي هذا أمر لم أعهده في حياتي سابقاً، ولكن لكل عام حدثا قد يغير موازين كل شيء، بل وقد يغير جزءا من الشخصية إن تمكنت أحداثه من التغلغل والدخول للمناطق البعيدة في الذاكرة، التي قد تضيء المظلم فيها وتظلم المضيء فيها، وكله بحسب هذه الأحداث. تبدأ عامك دوما بتوقعات إيجابية جميلة كونك إنسانا متفائلا والبعض يبدأ بعكس تلك الإيجابية، أما القسم الأخير فتراه يجعلها تأتي كيفما كانت بإيجابيتها وسلبيتها ذلك أنه إنسان فقد المشاعر، وتعلم لحن الكلام وتوزيعه على الكل بدون أن يعنوا له شيئاً. على عكس جميع الأعوام السابقة، التي خرجت منها بمشاعر موزونة لعلمي أني سألتقي بمجموعتي في العام، الذي يليه إلا أن يسبق قدر الله أي توقع، هذا العام كانت على النقيض فقد انتهى العام بنهاية جزء جميل في عامي كنت أحرص على لقائه قدر الإمكان إلا أن تحول ظروفي دون ذلك. هذا الجزء هو ذلك النور الذي أضاء جزءا مظلما تركته السنوات بداخلي وختمت عليه وأغلقته وكأن لسان الحال يقول ليس هناك أمر لا يمكن أن يكون. هذا الجزء وضح لي أن المحيط الذي نعيش فيه لا بد علينا من عدم مجاراته بكل أحواله وبالتصدي لكل ما يمكن أن يجردنا من مشاعر الحب والإنسانية. جزء كان من المتوقع أن نسقيه العلم ونستقى منه النتيجة لهذا العلم وليس أن نتعلم منه ماهية الحياة، جزء جميل كان يرضخ تحت ظروف مؤلمة من فقد أحد الوالدين وفقد العافية وتعب حياة بعمر من المفترض أن يكون كل ما فيه جميلاً وبعيداً عن كل المنغصات الدنيوية، إلا أنه كان يأتي كل يوم مبتسماً سعيداً وممارساً لكل الأمور السيئة والجيدة، التي تتمحور حول عمره الصغير، التي سيبدأ بها حفر الذكريات بداخله ويفعل كما فعلنا، جزء سيبقيه في الظلام كي لا يشعر بألمه وجزء سيخرجه للنور حتى يجعل الابتسامة دائمة على محياه. ومع ذلك ليس الحال كذلك للجميع، بل هناك من هذه الفئة العمرية من تعلم اللعب بالمشاعر والكلمات، التي لا تعني عنده سوى الأحرف المنطوقة، التي يسعى فيها لأخذ مكانة فقط أو تأدية أمر ما أو حاجز كي يمنع الغير من الاقتراب منه أو قضاء وقت ممتع وكسب شعبية حوله، وشتان بين هذا وذاك. وأخيراً هذا العام كان الميزان، الذي سأضعه في كل عام لأني أعلم أن هناك مازالت قلوب عامرة بالحب، وتسعى للعطاء وبحاجة للاحتواء، ولكن أبدا لن يتكرر عام (شعبة 11)، الذين سيظلون دوماً وأبداً في ذاكرتي المضيئة. وللجميع دمتم بخير.
[email protected]