هل يولد الإنسان بمنظومة أخلاقية؟، وفقًا لتجربة أجراها عالما النفس بول بلوم وزوجته كارين ووين على مجموعة أطفال، واعتمدت التجربة على سلسلة اختبارات بسيطة، بينها عرض صورة لفعل جيد وأخرى لفعل سيئ، وترك الأطفال يختارون الأفضل بينهما، إلى جانب مراقبة ردود فعل الأطفال حيال تلك العروض، التي تظهر فيها ممارسات جيدة وأخرى سيئة، وأطلق على تلك التجربة اسم «تجربة الأشكال» وهي تتلخص في أن هناك ثلاثة أشكال هندسية «دائرة ومثلث ومربع»، والتجربة أن الدائرة تحاول الصعود على منحدر ويساعدها في ذلك المربع ويعيق صعودها على الجانب الآخر المثلث، ويأتي دور الاختيار فأيّ من الأشكال سوف يختار الطفل منهم المثلث أم المربع، وكانت النتائج أن الأطفال في سن ثلاثة شهور 80 % منهم اختاروا المربع الشكل الذي يقوم بالمساعدة، والأطفال في سن الستة شهور 100 % منهم اختاروا المربع أيضا.
ويقول عالم النفس بلوم، مؤلف كتاب «مجرد أطفال: أصول الخير والشر» إن الاختبار أكد فرضية امتلاك الأطفال لضمير وحس منطقي للتفريق بين الخير والشر، ولكنه ذكر أيضا أن الأطفال يولدون مع مزايا أخرى سيئة، وبينها العدائية تجاه الغرباء، وهو أمر يمكن أن يتركهم -بحال عدم معالجته دون رد فعل أخلاقي تجاه جرائم مثل الإبادة الجماعية، ما يحتم بالتالي على الآباء والمجتمع مواصلة تلقين الأطفال المبادئ الإنسانية وتنمية حس الضمير لديهم.
ومنا هنا يتضح أن الأطفال بالفعل لديهم نظام أخلاقي جيد، وأن الأطفال يولدون خيرين، وأن العمليات المعرفية في أدمغتهم تدعو إلي الخير والمساعدة، ولاحظ عزيزي القارئ أن الدراسة أجريت على عينة أطفال صغار جدًا تتراوح أعمارهم من 3-10 أشهر، وأستطيع أن أقول إن الأطفال لديهم حس بدائي بالعدالة، بل ويمارسونها، وقد يصل بهم هذا الإحساس لرمي الفائض بعد التوزيع، فعندما تعطي طفلًا 7 قطع من الشوكولاتة وتطلب منه أن يوزعها على أطفال آخرين، فغالبًا سيعطي كل واحد منهم قطعة ويرمي القطعة الفائضة، إلا أن هذه الأخلاق الفطرية محدودة أحياناً أكثر مما ينبغي.
@1QLS1