@ghannia
«إحنا ما عصافير» كانت الجملة الأولى التي نطقتها حاجة سودانية عندما صُعقت «بأمكنة» النوم الضيقة والمتلاصقة جدا جدا في مخيمات منى التقليدية والتي غصت بالحجاج وأصبحت بالكاد تسع صاحبها، لكن هذه الحاجة التي صورت مكان نومها بالعش تابعت القول: «فين أحطه شنطتي» فين أصلي ؟ وإذا كان أصحاب الحملات لم يحسبوا حساب الغذاء الروحي الذي جاء بالحجاج ليشبعوا به نهمهم فأنا أعتبر هذه الحملة غير ناجحة فتوفر أنواع الطعام والشراب ليس هدف الحاج إذا ظل طوال فترة الحج يحمل سجادته ليبحث عن مكان يصلي فيه ويناجي ربه في رحلة روحانية انتظرها طول حياته، بل إن بعض الحملات تدفع الحاج «للجدال» رغما عنه فما يراه في حملته بعيد عن التصور والتحمل.. والحقيقة أن الحاج ما يلبث أن يستسلم في نهاية الأمر ليس رضا فيما صُدم به، لكنها أيام معدودات تجبره على ذلك فيمد سجادته في ممرات الحملة وبين أرجل الحاجات اللاتي قد تفتك إحداهن بالنسمة وهي تمر بجانبها! أما الحقيبة ففي أرفف عالية التقاطها وإعادتها يجلب الدسك وآلام العضلات والروماتيزم وقد يتنازل الحاج عن أغراضه حتى يسلم من تلك الأدواء وقد حدثتني حاجة في إحدى الحملات أنها آثرت أن تضع حقيبتها في الممر وتعتبرها كرة قدم تتداولها الأرجل وتصيبها في كل مرة في مقتل!! إن الربح المادي الذي يهدف إليه مُلاّك الحملات لا يسوغ لهم استغلال كل شبر في موقعهم وغصه بالأنفس والأرواح وتكديس الأجساد وحبس الهواء فلا أقل من متنفس صغير بين كل حاج وآخر أو مكان مخصص للصلاة والتعبد وعيادة طبية ـ ليست صوريةـ ومكان للأمتعة الخاصة وآخر للبرامج إن وجدت! إن الناس اليوم قادمون من بيوت وشقق واسعة لا يرضيهم ما يرضي حاج السبعينات والثمانينات فقد اعتادوا على نمط حياة تعدت تلك المرحلة ومن الصعب إعادتهم إلى خشونة الحياة رغما عنهم ! كما من الصعب أن تقنعهم بالسلامة من الأمراض في تلك الأجواء وقد عايشوا العديد من الأوبئة والأحداث ككورونا وجدري القرود والعزل والحظر والكمام وأصابهم الهم بما يكفي !!.. فيا أصحاب الحملات اتقوا الله، وأعينوا الحاج على أداء حجه، وارسموا نجمة على الأقل في حملتكم على أن تكون بلا نجوم ! متطوعو الحملات: لا يمكن لأي حملة أن تسيّر أعمالها بلا أيد عاملة سواء بمقابل أو تطوعا ولأن التطوع أصبح اليوم مطلبا خاصة فيما يتعلق بشرف خدمة الحجيج استغلهم بعض أصحاب الحملات واستنزفوا طاقتهم وجنوا الأرباح من ورائهم دون أي امتيازات تذكر، فحتى أداء الحج والذي كان المكافأة التي يحصل عليها المتطوع حرم منها! وإذا كان الاحتساب مطلوبا لكن الاكتساب الذي يحصل عليه التاجر من وراء ظهر المتطوعين ويغدق فيه على أهله وجماعته من العاملين !! شكرا وامتنانا لهم يجب أن يساوي فيه غيرهم، كما نتمنى من وزارة الحج تقنين عمل المتطوعين واحتساب الساعات التطوعية لهم ومنحهم شهادات خبرة وإتاحة الحج للراغبين منهم كأقل مكافأة تقدم لهم، مشرفات الحملات: يتخذ بعض مشرفات الحج أسلوب المدرسة !! مع الحاجات فيقنن تحركاتهن ويمنعنهن من حريتهن !! وقد حدثتني إحدى الحاجات أن مشرفة حملتها صرخت عليها وهي زوجة صاحب الحملة والتي تمثل المديرة والوكيلة والمعلمة وكل شيء !! لتمنعها من الخروج عند الباب لإعطاء زوجها غرضا ما ! لكنها كانت طالبة مشاكسة ورفضت هذا الأسلوب ! فيما بعض المشرفات يمثلن دور عارضات الأزياء ويفتحن مجاله «واسعا» للحاجات فإذا دخلت الحملة تجدها أبعد ما تكون عن الروحانية وأجوائها !! فالاستشوارات والمكياج والملابس المفتحة والمشققة والقصيرة !! والتسريحات ! ولو نبع السمت والجدية والقدوة من غرفة المشرفات لاستسلم الجميع، حفل العيد: جميل أن تروح الحملة عن الحجاج في حفل يذهب عنهم التعب ويكافئ الحجاج بهدايا مختلفة لكن يجب أن يكون الحفل بضوابط تتناسب مع أجواء الحج.