وهذه الزيارة، تُكتب للتاريخ والسعودية خاصة والشرق الاوسط عامة، حيث استطاعت المملكة بحكمتها وحنكتها وسياستها المتميزة من جعل العالم ينظر للسعودية ونحن نتذكر ما قرأناه عن مكانة السعودية وهو عندما أحسّ الرئيس روزفلت بأن العالم على وشك التغيير قرّر أن يلتقي بالملك عبدالعزيز -رحمه الله-.
وها هو اليوم، العالم يتغيّر للمرة الثانية، وقرّر بايدن أن يلتقي بالملك سلمان بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن سلمان.. ونقول ونكتب للتاريخ هذه السعودية وهذه مكانتها، أن تكون دائماً في موطن الصدارة، لأنها صانعة الحضارة، وصاحبة رسالة للعالم، وهذه عزة وشرف بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين .
والتي تضمن جدولها في يومها الثاني قمة مشتركة دعا إليها العاهل السعودي بحضور قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وملك المملكة الأردنية الهاشمية، ورئيس جمهورية مصر العربية، ورئيس مجلس وزراء جمهورية العراق، وحقيقه هذا ردٌّ واضح وتبيانٌ لقيمة المملكة ومكانتها العالمية وقدرتها السياسية والاقتصادية، فهي خليجيا تعتبر البلد القائد، وعالميا دولة ذات ثقل اقتصادي ودبلوماسي وسياسي ينظر إليه باحترام وتقدير. وهذه الزيارة تؤكد أن علاقات الولايات المتحدة بالمملكة لا يمكن التشويش عليها. فهي علاقة إستراتيجية وثيقة تنبع من قيمة المملكة وقيادتها الحكيمة.
العلاقة بين المملكة والولايات المتحدة أكبر من أن تختصر في علاقات اقتصادية قائمة على الطاقة، بل إن المملكة رمانة ميزان سياسية ودبلوماسية في إقليم يعج بالمشكلات، علاوة على أبعاد الاتفاقيات الكثيرة الموقّعة بين البلدين لتعزيز التجارة والاستثمار، الأمر الذي أنتج تأسيس مجلس التجارة والاستثمار السعودي الأمريكي، الذي يرأسه من الجانب السعودي وزارة التجارة والصناعة، وكذلك اتفاقية التعاون الفني بين حكومتي السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، التي بمقتضاها يسعى الطرفان لتوسيع التعاون في مجالات صناعية وتكنولوجية.
إن هذه القمة، التي احتضنتها المملكة العربية السعودية تدعم الشراكة الإستراتيجية بين القوة العالمية الأولى ودول الإقليم، بعدما قيل الكثير عن انسحاب الولايات المتحدة من الإقليم وأزماته وتحدياته، كل هذا استند على ثقل دبلوماسي للمملكة العربية السعودية، ومكانتها على مستوى العالمين الإسلامي والعربي، إذ تعتبر أحد مرتكزات الأمن الإستراتيجي في منطقة الخليج العربي، ودعامة لأمن واستقرار المنطقة العربية وإقليم الشرق الأوسط.
إن الحضور العربي، ممثلا في ضيوف المملكة المدعوين للقمة على أراضيها في ثاني أيام زيارة «بايدن»، يعلن رسالة واضحة بأن الترابط العربي لا يزال خيطا واحدا متماسكا تدعمه المملكة ودول المنطقة معا، وإنه لفخر أن يجتمع العرب، كلهم أو بعضهم، على الأراضي السعودية لدراسة تحديات وملفات تعنيهم جميعا بقدر كبير وتمس مصالح شعوبهم، وهو الأمر الذي أشار إليه الديوان الملكي السعودي في الإعلان عن الزيارة والقمة، بأنها تهدف لتعزيز العلاقات الثنائية التاريخية والشراكة الإستراتيجية المتميزة بين السعودية ودول المنطقة من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، فضلا عن تطويرها في المجالات كافة. نعم ما فعلته سياسة المملكة، وبخاصة سياسة ولي عهد السعودية ما زلت أكرر أن تُدرس في منهج مبادئ العلوم السياسية للسنة الأولى بالجامعات ليدرك ويعرف الجيل القادم ماذا فعلت السعودية، ودورها في تحقيق السمو والرفعة للمنطقة، وكذلك تكاتف الدول العربية والخليجية مع المملكة لتحقيق رفعة دولهم.. كلمات استمعنا إليها من ولي العهد، وكذلك من قادة مجلس التعاون تُنم عن الوحدة والمطالبات المتحدة لتحقيق الأمن والاستقرار، نقولها هكذا هم الأشقاء، وهكذا التآلف.
نعم هي ملفات ساخنة ناقشتها قمة جدة، وهي حقيقة بداية جديدة لدول المنطقة مع الإدارة الأمريكية في هذه المرحلة الدقيقة من عمر العالم. ونكرر (دمت يا وطني شامخا).