أما الرئيس بايدن فقد تغطرس في موقفه من المملكة، لكنه عاد باستحياء لتصحيح ما فعله من إساءة. ليس من السهل كما يظنه بعض البسطاء أن تستغني الولايات المتحدة الأمريكية عن المملكة اقتصاديا وسياسيا، فالعلاقة طويلة مهما شابها من اختلافات في وجهات النظر. ولقد برزت المملكة على الخارطة السياسية والاقتصادية العالمية منذ زمن بعيد لما لها من قوة سياسية واقتصادية ودينية وجغرافية في العالم.
لعبت المملكة دورا كبيرا في مواجهة الاتحاد السوفيتي في عدة نقاط دولية ساخنة وأولها المواجهة في أفغانستان ضد النفوذ السوفيتي الذي اجتاحها لتعزيز وجوده في مناطق تعد بعدا إستراتيجيا حساسا للولايات المتحدة. كان للمملكة دور إيجابي أساسي في تحرير أفغانستان من الاتحاد السوفيتي، حيث أشاد الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان بأهمية المملكة في مواجهة التمدد السوفيتي بما تقدمه من مساعدات عديدة وإستراتيجية في هذا الشأن.
وقد قال صديقي الدكتور وارن رونكويست في لقاء جمعني به في مؤتمر علمي في الولايات المتحدة إن المملكة أخلصت في تعاونها مع الولايات المتحدة في محاربة التوسع السوفيتي ولولاها لامتد نفوذ السوفيت إلى مناطق أخرى في العالم ولأصبح من الصعب إخراجهم من أفغانستان. وأكد الدكتور وارن رونكويست أن الولايات المتحدة مدينة بالكثير للمملكة بما قدمته من دعم اقتصادي لتحرير أفغانستان من قبضة الدب الروسي وإضعاف قيمة الروبل الروسي بعد الانخفاض الحاد في أسعار النفط في منتصف الثمانينات الميلادية من القرن الماضي.
كانت المملكة أكثر دعما للولايات المتحدة من دول حلف شمال الأطلسي التي كان بعضها يكسر الحصار الاقتصادي ضد الروس (السوفيت) آنذاك، حيث كانت فرنسا تصدر القمح إلى روسيا مقابل النفط والغاز بينما كانت المملكة تحرص على تحرير أفغانستان بدعمها للأفغان ومن معهم من المقاتلين العرب المناهضين للغزو السوفيتي، وذلك بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية التي زودتهم بأسلحة فائقة التطور لمواجهة الغزو السوفيتي.
قال الرئيس الراحل رونالد ريجان في عقيدته إن للمملكة دورا رئيسا في دعم السياسة الأمريكية. أقول في هذا الشأن إن هذا معروف وجميل كبير لا ينكره إلا من يجهلون العلاقات الدولية وعمق العلاقات التقليدية بين المملكة والولايات المتحدة. ومهما تنكر كل من الرئيس السابق باراك أوباما والرئيس الحالي جو بايدن لأهمية المملكة فإن السياسيين الأمريكيين المخضرمين يعرفون فضلها على الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد ساهمت المملكة في استقرار أسعار النفط بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء، خاصة في أوقات الأزمات عندما توقف ضخ النفط العراقي والليبي وخلال الحصار الاقتصادي ضد تصدير إيران للنفط. إن محافظة المملكة والتزامها ببيع نفطها بالدولار الأمريكي يدعم الاقتصاد الأمريكي منذ أكثر من 70 عاما.
الخلاصة المملكة حليف إستراتيجي قديم للولايات المتحدة الأمريكية مهما تباينت وجهات نظر الطرفين في بعض القضايا. وعلينا أن ننمي العلاقات بين البلدين بما يخدم مصالحهما لأن زيادة الفجوة السياسية بينهما تستغل من قبل الفرحين بجفاف العلاقات بين البلدين الصديقين. قد تكون فرصة مناسبة أن تطوى الصفحة السابقة من العلاقات المتوترة.
كلية الأعمال KFUPM
@dr_abdulwahhab