لقد استطاع النقد الأدبي أن يبحث بين الأدب والمتلقي، واستطاعت الفكرة المستوحاة أن تبتعد عن الماضي، وتنزاح عنه في قوالب صقلتها مجموعة من المراحل، التي أسست لهذا النقد وجعلته ممكنا بعباءة التراث نوعا، والانتصار للغرب نوعا ما.
فلقد حظيت قراءة عبدالفتاح كليطو للتراث الأدبي والسرد المغربي والعربي قراءة بارزة تنبعث من حقيقة هذا التراث بوصفه بحثا عن الثقافة فحسب، بل لكونه متصلا بالوضع الراهن للأدب العربي.
لم يغب موضوع التراث عند عبدالفتاح، ففي بدايات العشرينيات من هذا القرن وبفضل التطورات التاريخية والأحداث العربية، حيث لعبت فكرة المزاوجة بين التراث وبين المناهج الغربية، ولقد كان من أهم عمالقة النقد المغربي والعربي عبدالفتاح كليطو، الذي قال: «إن التقدم في ميادين العلوم الإنسانية رهين بالتقدم في العلوم البحتة».
فبين الحضور والغياب في كتابه «الأدب والغرابة»، وبين متاهات الحريري جاء كليطو ليؤسس خطابا بنيويا يعرف بالنقد المزدوج بين المثقفين العرب ككل.
تتجلى قراءة السرديات العربية والنصوص المغربية إلى لغة الماضي وفكرة الحاضر، هذا التلاقي الذي كشف عنه كليطو في عدة مقالات «التراث السردي والقراءة العاشقة» ومقالة إيجو الشيخ موسى «متاهات الكتابة» هو ما جعله يغوص بين اللغة والتأويلات والأفكار، التي استنبطها من جديد.
الحداثة والقدم أمران قد يكونان متناقضين منذ بداية النقد الأدبي الحديث، ومازال يبدو عند كثير من النقاد هذا التناقض الذي لم يحل، ولكن عند كليطو قد أدرك أن لا حداثة بدون تراث، وأن لا تراث بدون حداثة، وأصبح بذلك النقد المغربي الحديث ومعهم النقد بصفة عامة في مواكبة للأدب العربي الحديث.
@Bairoukidevlet