مشهد الحج مهيب، تنتفي فيه مظاهر الرفاهية ويتساوى الناس شكلا وهدفا ويتهافت الجميع لنيل شرف خدمة ضيوف الرحمن، وفي عرفات يباهي الله عز وجل بأهلها أهل السماء ويقول لهم: انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا، وكان يطوف عليه السلام ويحج زاهدا على راحلته ليهتدي الناس بشمائله ويلفت المراقب لهذا المشهد ما يراه من عدم اكتراث الحجاج بمظهرهم ورفاهيتهم وتركيزهم على هدفهم السامي الذي قصدوه.
وفي مواضيع الحج كتبت مقالين أحدهما بعنوان «أبي مشاكل» ذكرت فيه الجهود الجبارة للشركات والحملات المتخصصة في خدمة ضيوف الرحمن وتذمر بعض الحجاج وعدم رضاهم بالرغم من أن الخدمات المقدمة في حملتهم تفوق التوقع وهؤلاء هم أصحاب الشخصيات «المشكلجية» التي لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب وإن تلبسوا البياض فسواد نظرتهم للأمور تتفوق عليها ! وفي المقابل ذكرت في المقال الذي يليه السلبيات التي وصلتني ممن حجوا هذا العام في حملات متفرقة ونقدهم لما رأوه مخالفا لتوقعاتهم في مقال بعنوان «العصافير في الحج» وقد تكون تلك الملاحظات حقيقية متعمدة مخالفة لما وعد به صاحب الحملة أو وربما تكون خارجة عن السيطرة بسبب آليات وتنظيمات معينة كأوقات التفويج التي قد تتغير لمصلحة الحجاج وسلامتهم وغيرها من الأمور التي لا يعيها الحاج، وبعد مقال الأسبوع الماضي جاءتني اتصالات مختلفة من حاجات يرغبن في التنفيس وقد بلغ بهن الضيق مبلغه خاصة أن بعضهن أخذن برخصة من أجاز حج المرأة بلا محرم ضمن مجموعة من النساء وفي هذه الظروف تحتاج المرأة لمن يعينها إذا لم تتحمل الحملة ذلك بقدر من المسؤولية، وحرصا من الوزارة بأن تستوفي الشركات كافة الشروط فقد سحبت هذا العام تراخيص خمس شركات وأحالتها للجهات المختصة لتقصيرها تجاه المعتمرين.
أما القاسم المشترك فيما وصلني من شكاوى فهو اختيار موقع جبلي في منى يصعب الوصول إليه إلا عن طريق الحافلات الصغيرة أو عدم توافر أماكن مخصصة للصلاة أو الأكل أو الأمتعة في المخيمات أو عدم وجود سواتر ووسائل للراحة في موقع مزدلفة أو عرفة أو سوء تعامل المشرفات على الحملة.. بينما اشتكى بعض متطوعي الحملات من التمييز بينهم وبين الحجاج في الخدمات المقدمة وتجاهل تواجدهم.
وأيا كان الحديث عن الشركات فما هم إلا وسيلة معها «تتحقق الأمنيات» كما تقول وزارة الحج وأي أمنية كهذه الأمنية..