مع اتساع نشاط التجارة الإلكترونية لم تعد التعاملات التجارية تخضع لقوانين وقيود كما في السوق المحلية، فحتى البضائع التي لها تعاملاتها الخاصة كالذهب والعملات صارت في متناول اليد وتحت رحمة التجارة الإلكترونية، ولا تحتاج لمتمرس أو محترف أو تاجر مختص، فهناك العشرات من الحسابات مجهولة المصدر تخترق العالم الافتراضي بتدابير وترويج بجذب المهتمين. تلك الفوضى ساعدت المحتالين على الظفر بمغانمهم دون حسيب ولا رقيب ولا عقاب أحيانا، ففي ساحة العالم الافتراضي وتجارته لا تكون للسمعة، والتعامل ما بعد البيع جودته، التي يركز عليها كبار التجار والوكالات التجارية في محلاتهم وأسواقهم، فعلى الرغم من استثمار بعض التجار والمحلات الكبيرة للتقدم التقني واندماجهم في السوق الإلكترونية ونيلهم ذات النجاح فيه، وضم هذه الوسيلة المنتشرة ومتنوعة الفئات الاستهلاكية، وذات الإقبال الكبير إلى وسائل التسويق والترويج لديهم، إلا أن سمة الفوضى ومقدرة أي شخص من انتحال شخصية التاجر، وفتح حساب لتعاملات تجارية دون الإفصاح عن نفسه وبدون سجل تجاري ودون محل تجاري فعلي، وبعضهم يكتفي بالتعامل بالإيميل أو عبر الواتساب فقط أو مسجات البرامج الاجتماعية ودردشاتها أو عبر «App» تطبيق مختص للتسويق، ومع جهل بعض الفئات التي يوجه لها المنتج دون التشكيك في الأمر، ومع انعدام التشريعات والضوابط في مثل هذا النوع من الحسابات والتعاملات التجارية الحديثة، هناك عمليات نصب تحدث بشكل يومي، ضحاياها أولئك الذين يمكن استغفالهم بسهولة وهم يجرون تعاملاتهم التجارية ويتسوقون عبر هواتفهم الجوالة.
في الآونة الأخيرة كثرت الإعلانات لحسابات تبيع بنظام التجزئة والأدوات الصحية والملابس، وحسابات تبيع الذهب والمجوهرات، يمكن ملاحظتها عبر ترويجات السناب شات والانستجرام وتصفح المواقع، ومع انتشارها، بدأت بسماع الكثير من قصص الاحتيال التي يبدو أنها ارتفعت أكثر من ذي قبل حين لم يتلق أولئك المحتالون عقابا حقيقيا يردعهم، وأغلبهم من النساء اللاتي يحولن مبالغ كمقدم أو كبادرة، ومن ثم يقوم المحتال بحظرهم، والمشكلة أنه يستمر في عمليات النصب، التي يمتهنها دون أن يعاقب حتى مع وجود شكوى. هؤلاء هم مَن يشوهون سمعة التجارة المحلية والوطنية قبل أي شيء، أكثر ضحاياهم من السيدات والفتيات، اللاتي قد يترددن من دخول مراكز الشرطة ويعتبرن ما حدث لهن «دفعة بلاء» ذلك العرف الذي قد يعطي المحتال دافعا للاستمرار في احتياله ما أوتي من مكانه وحصد للمتابعين الضحايا. وعليه يجب أن يكون للمحاكم التجارية الفاعلية والنشاط والسرعة والسهولة ذاتها ليتمكن المتضررون من أخذ حقهم بيسر وسهولة، وأن يعاقب السارق ويلجم نشاطه المسيئ، وهذا لن يحدث إلا بأدوات تشريعية وأحكام ملزمة وفاعلة، وبتنظيم السوق التجارية باعتبارها سوقا ذات أولوية، وتطبيق قانون السجلات التجارية الإلكترونية وتفعيل دور الرقابة والإشراف الإلكتروني التجاري من جهة والقانوني من جهة أخرى.
ويبدو أن المحاكم الرقمية والتقاضي عن بُعد في دولة الإمارات تنجح في فرض سلطتها على هذا النشاط العصري كونها من أكبر الأسواق التجارية، ولا يمكننا إلا أن نتبع هذا النهج الذي يصلح لمجتمعنا.
@hana_maki00