وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قالت في وقت سابق أمس: إن قواتهم قصفت زورقا عسكريا أوكرانيا في ميناء أوديسا بأوكرانيا بصواريخ عالية الدقة.
وكتبت زاخاروفا على تطبيق «تليجرام» تقول: «صواريخ «كاليبر» دمرت البنية التحتية العسكرية في ميناء أوديسا، في ضربة دقيقة».
وجاء تعليق زاخاروفا بعدما اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بقصف ميناء أوديسا بعد يوم واحد من الاتفاق بين الأمم المتحدة وتركيا وأوكرانيا على السماح بصادرات الحبوب.
تهديد اتفاق
ونقلت قناة «سوسبيلن» التلفزيونية الأوكرانية الرسمية عن الجيش الأوكراني قوله: إن صواريخ روسية أصابت الميناء الجنوبي، أمس الأول السبت، مما يهدد اتفاقا وُقع قبل يوم واحد فقط للسماح بتصدير الحبوب من موانئ البحر الأسود وتخفيف نقص الغذاء العالمي الناجم عن الحرب.
وندد زيلينسكي بالهجمات ووصفها بأنها «همجية» صارخة تثبت أنه لا يمكن الثقة في موسكو لتنفيذ اتفاق الجمعة الذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة.
وقال الجيش الأوكراني: «إن الصواريخ لم تلحق أضرارا كبيرة بمنطقة تخزين الحبوب في الميناء أو تتسبب في دمار كبير»، وقالت كييف: إن الاستعدادات لاستئناف شحنات الحبوب جارية.
وقال أولكسندر كوبراكوف وزير البنية التحتية على «فيسبوك»: «نواصل الاستعدادات الفنية لاستئناف صادرات المنتجات الزراعية من موانئنا».
ولاقى الاتفاق الذي وقعته موسكو وكييف ترحيبا باعتباره انفراجة دبلوماسية ستساعد في الحد من ارتفاع أسعار الغذاء العالمية باستعادة تصدير شحنات الحبوب من الموانئ الأوكرانية إلى مستوياتها قبل الحرب، والتي كانت خمسة ملايين طن شهريا.
لكن المستشار الاقتصادي لزيلينسكي قال أمس الأحد: «إن الهجوم على أوديسا أظهر أنه لا يزال من الممكن أن تتعطل عمليات التسليم بشكل كبير».
وأضاف أوليه أوستينكو للتلفزيون الأوكراني: «هجوم أمس يشير إلى أن الأمور لن تسير يقينا كما ينبغي».
وأوضح أنه رغم أن أوكرانيا لديها القدرة على تصدير 60 مليون طن من الحبوب على مدى الأشهر التسعة المقبلة، فقد يستغرق ذلك ما يصل إلى 24 شهرًا إذا لم تعمل موانئها بشكل صحيح.
هجوم «باخموت»
وفيما يشير إلى تواصل حدة القتال، أفاد الجيش الأوكراني، أمس الأحد، بوقوع قصف روسي في الشمال والجنوب والشرق، وأشار مجددا إلى أن العمليات الروسية تمهد الطريق لهجوم في باخموت بمنطقة دونباس في الشرق.
وقالت قيادة سلاح الجو: إن قواتها أسقطت في ساعة مبكرة من صباح (أمس الأحد) ثلاثة صواريخ «كروز» روسية من طراز «كاليبر» أُطلقت من البحر الأسود واستهدفت منطقة خميلنيتسكي في الغرب.
وقال زيلينسكي في شريط مصور: إن القوات الأوكرانية تدخل «خطوة بخطوة» منطقة خيرسون المحتلة بشرق البحر الأسود.
واستنكرت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا بقوة قصف أوديسا.
وفي مقطع مصور بثه الجيش الأوكراني، يظهر رجال الإطفاء وهم يكافحون حريقا في زورق مجهول.
وقال وزير الدفاع التركي، أمس الأول السبت: إن المسؤولين الروس أبلغوا أنقرة بأن موسكو «لا علاقة لها» بالهجمات التي تعرض لها ميناء أوديسا الأوكراني.
وأوضح الجيش الأوكراني أن صاروخين روسيين من طراز «كاليبر» أصابا محطة ضخ في الميناء وأن الدفاع أسقط صاروخين آخرين.
ومثل قصف أوديسا على ما يبدو خرقا لشروط اتفاق «يوم الجمعة» والذي من شأنه أن يسمح بمرور آمن من وإلى الموانئ الأوكرانية.
وتُعتبر روسيا وأوكرانيا موردي قمح عالميين رئيسيين، وأدى حصار الأسطول الروسي في البحر الأسود للموانئ الأوكرانية منذ بداية الحرب في 24 فبراير إلى احتجاز عشرات ملايين الأطنان من الحبوب، مما أدى إلى زيادة اختناقات سلسلة التوريد العالمية.
الحصار والعقوبات
وتسبب حصار الموانئ الأوكرانية، إلى جانب العقوبات الغربية على روسيا، في قفزة في أسعار الغذاء والطاقة مما دفع نحو 47 مليون إنسان إلى «الجوع الحاد»، بحسب برنامج الأغذية العالمي.
وتنفي موسكو مسؤوليتها عن أزمة الغذاء وتنحي باللوم على العقوبات الغربية في تباطؤ صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة وعلى أوكرانيا بسبب تلغيم الطرق المؤدية إلى موانئها.
ولغَّمت أوكرانيا المياه بالقرب من موانئها كجزء من دفاعاتها الحربية، لكن بموجب الاتفاق، سيوجه مرشدون السفن على امتداد الممرات الآمنة في مياهها الإقليمية.
وسيراقب مركز تنسيق مشترك، يضم أعضاء من أطراف الاتفاق الأربعة، السفن العابرة من البحر الأسود إلى مضيق البوسفور في تركيا ومنه إلى الأسواق العالمية. واتفقت جميع الأطراف يوم الجمعة على عدم استهدافهم بهجمات.
ويصف بوتين الحرب بأنها «عملية عسكرية خاصة»، ويقول: «إنها تهدف إلى نزع السلاح من أوكرانيا واجتثاث القوميين الخطرين»، بيد أن كييف والغرب يقولان: «إن ذلك ذريعة لا أساس لها من الصحة، وإن الهدف من الحرب هو الاستيلاء على الأراضي».
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن «الموانئ الروسية تعاني من حصار غربي»، وقال: «تلقينا تعهدات في تركيا بإنهاء ذلك»، واعتبر أن «العقوبات الغربية تعرقل دعم بلاده للدول الأفريقية».
ووصل لافروف إلى القاهرة في زيارة هي الأولى تعقبها جولة أفريقية تستغرق 5 أيام، إلى الكونغو وأوغندا وإثيوبيا، والتقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وبعدها التقى وزير الخارجية سامح شكري، حيث عقد معه لقاء ثنائيا ثم انضم لهما لاحقا أعضاء وفدي البلدين.
لافروف بالقاهرة
وقال وزير خارجية مصر: «نتطلع لاستمرار التعاون الوثيق مع روسيا على أساس المصالح المتبادلة»، مضيفا: «بحثنا الوضع في أوكرانيا وأكدنا أهمية التوصل لحل على أساس الحوار».
وتابع شكري: «مصر تؤكد أهمية التوصل لتسوية دبلوماسية للأزمة في أوكرانيا، فلها انعكاسات سلبية على الأمن الغذائي العالمي».
فيما قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي: إن لافروف نقل للسيسي «رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تضمنت الإعراب عن التقدير تجاه مبادرة مصر لتشكيل لجنة الاتصال الوزارية في إطار جامعة الدول العربية سعيا لتسوية الأزمة الأوكرانية وما تم خلالها من زيارة للعاصمة الروسية موسكو من قبل السادة وزراء الخارجية المعنيين».
كما أطلع لافروف الرئيس المصري «على آخر تطورات الأوضاع بشأن الأزمة الأوكرانية ومستجدات التحركات الروسية في هذا الإطار على المستوى الدولي»، فيما شدد السيسي «على أهمية تغليب لغة الحوار والحلول الدبلوماسية للأزمة»، مؤكدا «دعم بلاده لكافة المساعي التي من شأنها سرعة تسوية الأزمة سياسيا من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، مع استعداد مصر لدعم هذا المسار من خلال اتصالاتها وتحركاتها الدولية مع جميع القوى الفاعلة، سواء في الإطار الثنائي أو المتعدد الأطراف».
وأوضح المتحدث الرسمي أن «اللقاء تناول كذلك التعاون في مجال قطاعات توريد الحبوب والغذاء، وكذلك قطاع البترول والغاز في ضوء الأزمة الراهنة».
وتأتي زيارة وزير الخارجية الروسي إلى القاهرة، في خضم أزمة الغذاء التي تعيشها عدة دول أفريقية، بسبب نقص واردات الغذاء من موسكو وكييف.
دعم أمريكي
ومع دخول الحرب شهرها السادس، أمس الأحد، اجتمع وفد رفيع من الكونجرس الأمريكي مع الرئيس الأوكراني في كييف ليل السبت/الأحد ووعد بمحاولة ضمان استمرار الدعم في الحرب ضد روسيا.
وضم الوفد آدم سميث رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب ويعد هذا الأحدث ضمن سلسلة من الزوار الأمريكيين البارزين إلى أوكرانيا.
وقال الوفد في بيان: «إن الولايات المتحدة، إلى جانب حلفائها وشركائها في جميع أنحاء العالم، وقفت إلى جانب أوكرانيا من خلال تقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية وإنسانية».
ولم يُشر بيان الوفد بشكل محدد إلى عمليات نقل أسلحة، بينما نُقل عن سميث قوله لإذاعة أوروبا الحرة «راديو ليبرتي» المدعومة من الولايات المتحدة أن «واشنطن وحلفاءها مستعدون لتسليم المزيد من أنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة».
في غضون هذا، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أمس: إن مواطنين أمريكيين توفيا في الآونة الأخيرة بمنطقة دونباس في شرق أوكرانيا دون أن يكشف تفاصيل أخرى.
وقال: إن الإدارة الأمريكية على اتصال بعائلتيهما وتقدم «كل المساعدة القنصلية الممكنة»، وأضاف المتحدث الذي أكد تقريرا بثته شبكة «سي إن إن» في وقت سابق «احتراما للعائلتين في هذا الوقت العصيب، ليس لدينا ما نضيفه».
وامتنع المتحدث عن تحديد متى لقي الأمريكيان حتفهما على وجه الدقة أو ملابسات موتهما.
ولقي أمريكي حتفه بالقتال في مايو بعد أن انضم إلى آلاف الأجانب الذين تطوعوا لمساعدة أوكرانيا ضد الروس.