آفاق واعدة اقتصاديا وسياسيا وأمنيا
ذكر أستاذ العلوم السياسية د. وحيد حمزة، أن زيارة سمو ولي العهد لليونان تفتح آفاقا جديدة من العلاقات الثنائية بين الدولتين في إطار منظومة الشراكة السعودية الاستراتيجية مع الدول الأوروبية، وهي تعد نقلة نوعية في العلاقات، كونها الأولى على مستوى قيادة المملكة، وتعكس حرص سمو ولي العهد على مد الجسور وبناء العلاقات مع مختلف الدول الأوروبية والتطور الملموس الذي شهدته العلاقات السعودية اليونانية مؤخرا، وما واكبه من حراك مشترك للتعاون في المجالات السياسية، والاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية، والأمنية، والثقافية، والسياحية، في ضوء رؤية 2030 وأولويات التنمية في اليونان، مبينا أن هناك تعاونا كبيرا في مجالي الدفاعي والأمني، الذي يعد واسع النطاق ومتعدد الأبعاد، فقد اتفق الجانبان في زيارة رئيس الوزراء لدولة اليونان الأخيرة على العمل على رفع مستوى وجاهزية ومهارة قواتهما العسكرية من خلال التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة، والقيام بالتنسيق والتعاون وتبادل الخبرات العسكرية لتحقيق أمن البلدين واستقرار المنطقة، والعمل على توطين التقنية والصناعات العسكرية والمساندة. كما أشاد الجانبان بما تم تحقيقه من تعاون في المجالات الأمنية، ورغبتهما في تعزيز وتطوير ذلك التعاون بما يخدم تحقيق الأمن والاستقرار في البلدين.
تعزيز إمكانات الاستثمار الزراعي والغذائي
قال الاقتصادي سعود الحارثي: إن هناك اهتماما كبيرا، بتطوير العلاقات بين البلدين لتشمل العديد من المجالات خصوصا بعد ترحيب المملكة بدخول القطاع الخاص اليوناني بشراكة مباشرة مع القطاع الخاص السعودي في مجالات محطات تحلية المياه، ومياه الشرب، وخطوط نقل المياه، ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، والسدود في المشاريع الجاري تنفيذها والمشاريع المستقبلية، وتنظيم أنشطة تجارية في المجال الزراعي، لمناقشة إمكانيات الاستثمار في الصناعات الزراعية والغذائية والسمكية والحيوانية. وأضاف إن الجانبين شددا على تعظيم الاستفادة من أوجه التقاطع بينهما في قطاع الطاقة المتجددة، والصناعات العسكرية والدوائية، والخدمات اللوجستية، مشيرا إلى تعزيز البلدين التعاون بينهما عبر اللجنة السعودية اليونانية المشتركة، وتأسيس مجلس الأعمال السعودي اليوناني، كما اتفق البلدان على ترتيب عقد منتديات استثمار مشتركة بشكل دوري، تجمع عددا من كبار رجال الأعمال وممثلي القطاع الخاص من البلدين.
علاقات تاريخية وثيقة واحترام متبادل
أكد الباحث في الاقتصاد السياسي العالمي عادل الذروي أن المملكة واليونان ترتبطان بعلاقات تاريخية وثيقة مبنية على أسس راسخة من الاحترام والقيم المشتركة، وشهدت العلاقات السعودية اليونانية تطورا في العلاقات الثنائية توج بتوقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، إذ شهد العام الماضي 2021م تطورا قويا في العلاقات الثنائية بين البلدين تأسس خلاله مجلس رجال الأعمال السعودي اليوناني، بهدف زيادة التبادل التجاري الثنائي والاستفادة من الفرص الاستثمارية الكبيرة بين البلدين، كما شهد تبادلا غير مسبوق للزيارات رفيعة المستوى للمسؤولين من الجانبين، كان آخرها زيارة دولة رئيس الوزراء اليوناني للمملكة ومشاركته في مبادرتي الاستثمار، وقمة الشرق الأوسط الأخضر، وزيارة صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير خارجية المملكة، لجمهورية اليونان في مطلع العام الحالي 2022م، وستحقق زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عهد شراكة استثنائية بين البلدين كونها الزيارة الأولى لقيادة المملكة، موضحا أن المملكة تتطلع إلى الاستفادة من أوجه التعاون الثنائية الحالية والمستقبلية مع اليونان في قطاعات الطاقة، لاسيما قطاع البترول والغاز والبتروكيماويات، واستدامة الطلب على البترول والاقتصاد الدائري للكربون، والطاقة المتجددة، وقطاع الكهرباء، والذكاء الاصطناعي، والتوطين وتطوير المحتوى المحلي للمنتجات والخدمات ذات الأولوية للتوطين في قطاعات النفط والغاز وإنتاج الكهرباء والطاقة المتجددة، والابتكار والتطوير في مجال طاقة الرياح، وكذلك الاستفادة من الحلول المبتكرة والمطورة في اليونان لمساعدة المملكة في تحقيق أهداف السعودية الخضراء.
9 مليارات دولار حجم التبادل التجاري
بينت الاقتصادية علوية عجلان أن حجم التبادل التجاري بين السعودية واليونان خلال السنوات الست الماضية (2016 - 2021) 34 مليار ريال (9 مليارات دولار) وتجاوز حجم الصادرات السعودية غير النفطية إلى اليونان خلال العام الماضي (2021) 660 مليون ريال (176 مليون دولار) بنمو قدره 21%، مؤكدة أن زيارة ولي العهد ستمثل مرحلة جديدة من العلاقة التي ستحقق مكاسب اقتصادية على المستوى التجاري والصناعي حيث أسهم الصندوق الصناعي في دعم وتمويل 4 مشروعات مشتركة مع اليونان، بقيمة تمويل تتجاوز 80 مليون ريال، كما يسهم بنك التصدير والاستيراد السعودي في تمويل الشركات السعودية المصدرة إلى اليونان، وبلغت قيمة تمويلاته 5 ملايين ريال، وستحقق الزيارة مناقشة فرص التعاون المستقبلية بين البلدين لفتح مجالات نوعية للتعاون الاقتصادي وتسهيل التفاعل المستمر بين قطاعي الأعمال السعودي واليوناني، وتمكين الشراكات التجارية والاستثمارية المتاحة في إطار رؤية المملكة 2030 للارتقاء بحجم التبادلات التجارية والاستثمارية بين البلدين.
وأضافت عجلان أن اليونان من الدول الرائدة ثقافيا وحضاريا، ولذا تعمل وزارة الثقافة السعودية على التباحث مع الجانب اليوناني لتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الثقافي، إضافة إلى العمل على إعداد برنامج تعاون ثقافي، يتضمن برامج فنية وثقافية في البلدين، ومشاركة الجانب اليوناني في المهرجانات الثقافية في المملكة، وإقامة الأسبوع الثقافي اليوناني في المملكة، والأسبوع الثقافي السعودي في اليونان.
مبادرات تقنية ورقمية مشتركة
أوضح التقني مؤيد الشميري حرص البلدين على تعزيز التعاون بينهما في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، إذ بدأ العمل على تنفيذ مشروع مشترك لبناء كيبل بحري ليكون خط بيانات للربط بين البلدين، وكذلك تفعيل مبادرة مشتركة لتبني التقنيات الحديثة والخدمات الرقمية والصناعات التقنية، تشمل: الجيل الخامس، والفضاء والأقمار الصناعية، والتلفزيون المدفوع، والترفيه المنزلي، وفتح المجال لتشجيع الفرص الاستثمارية في تطوير قطاع الاتصالات والبنية الرقمية، مشيرا إلى أن اليونان تمتلك سجلا جيدا في التقية المتطورة، حيث تشير بعض البيانات إلى وصول صادراتها التقنية إلى 2 مليار دولار في العديد من المنتجات التي تتمثل في منتجات الفضاء، وأجهزة الكمبيوتر، والمواد الصيدلانية، والأدوات العلمية، والآلات الكهربائية وتخضع المنتجات اليونانية لعمليات مكثفة من البحث والتطوير.