بين تفكيرك وتفكير غيرك اختلاف وائتلاف وترصد بين الفينة والأخرى مشاهد تقدرها وبعضها تنتقدها، وهناك ما تنبذه من طرح وتعامل وأسلوب ينفرك ويجعلك تسأل نفسك مرات ومرات عن طريقة تفكيره الآحادية وأسلوبه المنفر، الذي يؤطره وفق فكره ورؤيته ويدعمه بالحلال والحرام ليغرق الدين بما ليس فيه، ولكنه من باب حصانة يستغلها في تمرير أفكاره وأساليبه تحت شعور يتعاظم بفطرة الدين وحب أهله وذويه، وقد ينجرف معه مجموعة بعضها يجهل والبعض يطبل، وغيرهم ربما وقعوا فريسة لمثل هذه الأفكار الآحادية، التي لا تقبل حوارا ولا تستمع معهم بنقاش ويضعون فهمهم كرأي لك ينتقدونه، ويعززون من تقليله لتظهر بصورة يشككون في نواياك ويرسمون جانبا ليس لك، وهم بذلك يدعون أنهم أرباب الدين وأصحاب الوسطية، ويتخذون المنهج الأصح وغيرهم، ومَن لم يوافقونهم يحكمون عليهم بأحكامهم الخاصة.
ورغم أن الجهود المبذولة في تكريس الحوار وقيمته وبعده وأثره إلا أن هناك مَن يتخذ بعض المنصات والمواقع والاستشارات مكانا لهم وتصديرا لبعض هذه الأفكار، التي تفتك في بناء المجتمع وتقلل من قيمة الحوار وتزرع الآحادية والقطيعة دون مبرر سوى أن التفكير السلبي، الذي يعيشه مثل هؤلاء الذين ابتليت بهم الاستشارات الاجتماعية والأسرية والصحية والنفسية بحجة أنه مستشار، وأن هذه الاستشارة تأخذ طابعا فكريا دون النظر للأبعاد الأخرى، التي لا تكتمل إلا بها ومن خلالها.
وأعني بذلك مَن يمارس جانب الاستشارات غير المؤهلين وغير الدارسين ومَن هم لا يمارسون ممارسة علمية وعملية.
إن الكشف على سلامة الفكر والمنهج يأتي في مقدمة مَن يقدمون للناس استشارات مصيرية ربما تهدم بيتا وتدمر أسرة، وتفرق بين إخوة، وتزرع فتنة وهو أمر يحتاج إلى وقفة وتعمق رغم أن الجهود قائمة والعمل متواصل في محاربة مثل هذه الأفكار، التي لا تتوافق مع الرؤية والتطلعات المستقبلية في رسم خريطة وطن ينعم بالتعايش والتسامح وعدم الدخول في النوايا، وهو الذي يتم العمل عليه من خلال التجديد والتطوير والتغيير وفق شريعتنا السمحة، التي نعتز بها جميعا.
إن الأمن الفكري أحد المرتكزات الأساسية، التي تحقق قيمة الاطمئنان في الاستشارات المقدمة من خلال الجمعيات والفرق التطوعية والمراكز الإرشادية، التي تحتاج بالفعل إلى أن نقف سدا منيعا لكل فكر شاذ أو مَن يقول ما يريده.
إن من مجال الاستشارات لا يزال يحتاج إلى عناية واهتمام من جانب التشديد على مَن يمارس تلك الاستشارة، ولا يكفي أن يكون المؤهل هو الفاصل، بل إن الفكر وقيمته هو الأهم.
وأتطلع أن تتبنى الجهات المعنية إقامة ملتقى يناقش الأمن الفكري وقيمته للمستشارين الاجتماعيين لنخرج منه بتوصيات ودراسات علمية تخدم هذا الجانب الأهم في ممارسة العمل في هذا المجال، الذي يهتم بالإنسان من جميع الجوانب.
Twitter:@Alsuhaymi37