DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

العالم يواجه عاصفة «ديون سيادية» تزعزع استقرار الأنظمة السياسية

مع غياب مجموعة G7 والمجتمع الدولي.. الأمور لن تتوقف عند سريلانكا

العالم يواجه عاصفة «ديون سيادية» تزعزع استقرار الأنظمة السياسية
العالم يواجه عاصفة «ديون سيادية» تزعزع استقرار الأنظمة السياسية
مواطنو سريلانكا يعانون ضيق معيشي ومشقة وندرة بالوقود ناتجة عن أزمة البلاد الاقتصادية (رويترز)
العالم يواجه عاصفة «ديون سيادية» تزعزع استقرار الأنظمة السياسية
مواطنو سريلانكا يعانون ضيق معيشي ومشقة وندرة بالوقود ناتجة عن أزمة البلاد الاقتصادية (رويترز)
توقعت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية، أزمة ديون سيادية عاصفة تزعزع استقرار كثير من النظم السياسية حول العالم، مؤكدة أن الأمور لن تتوقف عند سريلانكا.
وبحسب مقال لـ «جياتي غوش»، أستاذة الاقتصاد بجامعة «ماساتشوستس أمهيرست»، يهرب رأس المال الأجنبي من البلدان الفقيرة عند أول بادرة من عدم الاستقرار، ولفتت إلى أن وباء كورونا وحرب أوكرانيا يضمنان وجود موجات من هذا الهروب.
ومضت تقول: في شهر يناير من هذا العام، حتى قبل أن ينخفض راتب سانجانا موداليج كعاملة مبيعات في مركز تجاري في كولومبو، سريلانكا، إلى النصف، كانت قد رهنت مجوهراتها الذهبية في محاولة لتغطية نفقاتها، وفي النهاية تركت وظيفتها؛ لأن تكاليف السفر وحدها تجاوزت أجرها.
وتابعت: منذ ذلك الحين، تحوَّلت من استخدام الغاز للطهي إلى تقطيع الحطب، ولم تأكل سوى ربع ما كانت تأكله من قبل، قصتها، التي نُشرت في صحيفة «الواشنطن بوست»، هي واحدة من قصص عديدة في سريلانكا، حيث يراقب الناس أطفالهم وهم يعانون من الجوع، ويعاني كبار السن من نقص الأدوية.
الأثمان البشرية
وتقول الكاتبة: استحوذت الأثمان البشرية للأزمة على الاهتمام الدولي حقا، فقط عندما أدت الانتفاضة الشعبية الهائلة في وقت سابق من هذا الشهر، إلى الإطاحة السلمية بالرئيس جوتابايا راجاباكسا، الذي حكم عائلته سريلانكا بقبضة من حديد، وإن كان ذلك بالشرعية الانتخابية، لأكثر من 15 عاما، وتلقي وسائل الإعلام الوطنية والدولية عليه في الفوضى الاقتصادية اليائسة التي تعيشها البلاد.
وأضافت: لكن إلقاء اللوم على عائلة راجاباكسا وحده أمر مُخل للغاية، من المؤكد أن الأغلبية العدوانية التي أطلقوا العنان لها، إلى جانب الفساد المزعوم وكوارث السياسة الاقتصادية الكبرى في السنوات الأخيرة، مثل التخفيضات الضريبية الشديدة وحظر استيراد الأسمدة، كانت عناصر حاسمة في الكارثة الاقتصادية، ولكن هذا ليس سوى جزء من القصة.
وأردفت: نادرا ما يذكر معظم المعلقين الرئيسيين الأسباب العميقة والأساسية للأزمة في سريلانكا، ربما لأنها تكشف عن حقائق غير مريحة حول الطريقة التي يعمل بها الاقتصاد العالمي.
وبحسب الكاتبة، هذه ليست أزمة ناتجة عن عدد قليل من العوامل الخارجية والداخلية الحديثة، لكنها أزمة استغرق تشكلها عقودا من الزمن.
وأضافت: كانت الإستراتيجية جعل الصادرات أساسا للنمو الاقتصادي، مدعومة بتدفقات رأس المال الأجنبي، أدى ذلك إلى زيادة كبيرة في الديون بالعملات الأجنبية، وهو أمر شجعه صندوق النقد الدولي وحشدت له مؤتمرات دافوس بنشاط.
واستطردت: في الفترة التي أعقبت الأزمة المالية العالمية لعام 2008، حيث أدى انخفاض أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة إلى توافر الائتمان الرخيص، اعتمدت الحكومة السريلانكية على السندات السيادية الدولية لتمويل إنفاقها.
تضاعف الدين
وأضافت: بين عامي 2012 و2020، تضاعفت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 80%، مع تزايد نصيبها في السندات، واستمرت المدفوعات المستحقة على هذه الديون في الارتفاع مقارنة بما يمكن أن تكسبه سريلانكا من الصادرات والأموال المرسلة إلى الوطن من قِبَل العاملين في الخارج.
ونوهت إلى أن الاضطرابات التي سببها الوباء وحرب أوكرانيا أدت إلى جعل الأمور أسوأ بكثير، من خلال التسبب في انخفاض عائدات الصادرات وزيادة حادة في أسعار الواردات الأساسية بما في ذلك الغذاء والوقود.
وأوضحت أنه بالنظر إلى هذا النموذج الكاشف، من الواضح أن سريلانكا ليست الوحيدة التي ستكتفي بها العاصفة.
ولفتت إلى أنها مجرد نذير لعاصفة قادمة من ضائقة الديون في الدول التي يسميها الاقتصاديون «الأسواق الناشئة».
وتابعت: كانت الفترة الماضية التي شهدت معدلات فائدة منخفضة بشكل لا يصدق في الاقتصادات المتقدمة تعني تدفق المزيد من الأموال إلى الأسواق «الناشئة» و«الحدودية» من العالم الغني، بينما وجد هذا التشجيع في المؤسسات المالية الدولية، فقد كان دائما عملية إشكالية، هذا لأنه، على عكس أماكن مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، يهرب رأس المال من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل عند أول علامة على وجود أي مشكلة.
وأردفت: إضافة إلى ذلك، فقد واجهت تلك الدول انخفاضا كبيرا في عائدات الصادرات والسياحة، وتشديد القيود على ميزان المدفوعات، ونتيجة لذلك، فقد كان انتعاشها الاقتصادي أكثر تقلبا، وظلت الظروف الاقتصادية متردية في الغالب.
ونبَّهت إلى أن المحاولات الفاترة لتخفيف الديون، مثل وقف خدمة الديون في الجزء الأول من الوباء، أدت فقط إلى تأجيل المشكلة، وأضافت: لم تكن هناك إعادة هيكلة ذات مغزى للديون على الإطلاق، صندوق النقد الدولي يندب الموقف، ولا يفعل شيئا تقريبا، ويضيف هو والبنك الدولي إلى المشكلة من خلال إصرارهما الصارم على السداد والنظام المروع للرسوم الإضافية التي يفرضها صندوق النقد الدولي.
غياب «السبع»
ونبَّهت الكاتبة إلى غياب مجموعة الدول السبع والمجتمع الدولي عن العمل، واصفة ذلك بالأمر غير المسؤول إلى حد كبير بالنظر إلى حجم المشكلة ودورها في خلقها.
وتابعت: الحقيقة المحزنة هي أن مشاعر المستثمرين تتحرك ضد الاقتصادات الأكثر فقرا بغض النظر عن الظروف الاقتصادية الحقيقية في بلدان معينة، كما أن وكالات التصنيف الائتماني الخاصة تضخم المشكلة.
وأكدت أنه لا يزال من الممكن حل الموقف، لكنه يتطلب إجراء عاجلا، لا سيما من جانب المؤسسات المالية الدولية ومجموعة السبع، وأضافت: هناك حاجة إلى إجراءات سريعة ومنهجية لتسوية الديون لجذب الدائنين من القطاع الخاص وغيرهم من الدائنين، مثل الصين، كما يجب أن تفعل المؤسسات المالية الدولية دورها الخاص لتخفيف عبء الديون وإنهاء الإجراءات العقابية مثل الرسوم الإضافية.
وتابعت: إضافة إلى ذلك، يجب وضع سياسات للحد من المضاربة في أسواق السلع والربح من قبل شركات الغذاء والوقود الكبرى.
وأشارت إلى أن إعادة تدوير حقوق السحب الخاصة، بشكل أساسي «كوبونات صندوق النقد الدولي»، من قبل البلدان التي لن تستخدمها للبلدان، التي هي في أمَس الحاجة إليها، أمر حيوي، باعتباره إصدارا آخر من حقوق السحب الخاصة بما يعادل حوالي 650 مليار دولار لتوفير الإغاثة الفورية.
واختتمت بقولها: دون هذه الإجراءات الدنيا، من المرجح أن يغرق الاقتصاد العالمي بعد وباء كورونا وأوكرانيا في واقع مرير من التخلف عن سداد الديون، وزيادة الفقر وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي.