قال رئيس مجلس الأعمال السعودي - الفرنسي د. محمد بن لادن: إن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع «يحفظه الله» إلى باريس، ولقاء رئيس جمهورية فرنسا إيمانويل ماكرون، امتداد للزيارة التي قام بها إلى جدة في ديسمبر من العام الماضي 2021م، ولقائه سمو ولي العهد وتحديد أطر التعاون بين البلدين الصديقين، لافتا إلى أن الزيارة تأكيد لأوجه التعاون في جميع الأصعدة والمجالات التي تهم البلدين في ظل المتغيرات الدولية، والتي ينعكس أثرها بشكل مباشر على المنطقة، مؤكدا أن الزيارة ستعطي دفعة قوية للعلاقات المتينة بين البلدين الصديقين الممتدة على مدى العقود الماضية، والمأمول أن تسفر محادثات سمو ولي العهد وماكرون في باريس عن تأكيد تطوير مجالات الشراكة السعودية - الفرنسية، بما يخدم أهداف رؤية السعودية 2030، مبينا أن الزيارة تسعى للارتقاء بالتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين الصديقين إلى مستويات أفضل في ظل النظرة الضبابية لأداء الاقتصاد العالمي، بسبب الظروف الجيوسياسية وتأثير الأزمات الصحية، وأشار إلى أن فرنسا تقدر الدور الحيوي الذي تضطلع به السعودية من خلال مجموعة الـ20، ومن خلال جهودها لترسيخ استقرار السوق الدولية للنفط، كما تدرك فرنسا مواقف السعودية حيال استقرار المنطقة، ومن المتوقع أن تتمخض هذه الزيارة عن عقد اتفاقيات تعاون في مجالات مختلفة، وذكر أن مجلس الأعمال السعودي الفرنسي يقوم بدوره في إيجاد الفرص وتشجيع الشركات الفرنسية للاستثمار في المملكة ونقل وتوطين التقنية، ما ينعكس على خلق فرص عمل لشباب وشابات الوطن، مضيفا إن العلاقات التجارية بين السعودية وفرنسا وثيقة، وحجم التبادل التجاري بين الرياض وباريس الذي شهد تسارعا وزيادة ملحوظة في الفترة الماضية تجاوز عتبة الـ 10 مليارات يورو. مبينا أن فرنسا تحتل المرتبة الثالثة في السعودية بين كبار المستثمرين الأجانب، حيث تستثمر الشركات الفرنسية ما قيمته 15 مليار دولار، لافتا إلى حصولها على عديد من العقود المهمة في السعودية خلال السنوات القليلة الماضية، في ميادين ومشاريع تنموية مختلفة كثيرة، مثل تحلية المياه، والطاقة، والأمن، والزراعة، إضافة إلى مشروع النقل العام بالمترو والحافلات في مدينة الرياض، وأضاف إن عدد الشركات الفرنسية العاملة في المملكة يبلغ نحو 80 شركة فرنسية توظف أكثر من 30 ألف شخص مع نسبة توطين تصل إلى 36 ٪، واستثمرت أكثر من 15 مليار دولار في السعودية، فيما بلغت صادرات المملكة لفرنسا 6.5 مليار يورو، وتمثل المنتجات البترولية 96 ٪ من إجماليها.
4.37 مليار دولار استثمارات مباشرة
توثيق شراكة البلدين وفق معطيات كل مرحلة
أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز، د. فيصل النوري، أن زيارة سمو ولي العهد – يحفظه الله – إلى باريس تعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية الكبيرة بين الدولتين، حيث تعتبر دولة فرنسا واحدة من أكبر الدول المستثمرة في المملكة العربية السعودية، بقيمة استثمارات مباشرة أكثر من 4.37 مليار دولار، ويعتبر التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية ودولة فرنسا ذا قيمة اقتصادية كبرى تتنوع في قطاعات مختلفة مثل البتروكيماويات، الأدوية، والأجهزة.
وتعكس زيارة سمو ولي العهد احتمالية توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بها العديد من المنافع الاقتصادية والمشاريع التنموية بين الدولتين. ومن منظور الاقتصاد العالمي، يرى العالم أن الاقتصاد السعودي قوي؛ حيث تلعب المملكة دورا محوريا في الاقتصاد العالمي، وهي عضو في اقتصاديات الدول العشرين الكبرى، وتعتبر المملكة بيئة استثمارية جذابة، نتيجة الموقع الجغرافي الذي تتمتع به، ولتطوير الخطط الاستثمارية وحوكمة البيئة الاستثمارية في المملكة كإحدى ركائز رؤية 2030.
ذكرت عضو اللجنة التنفيذية بمجلس الأعمال السعودي الفرنسي، نوف الراكان، أن العلاقات السعودية الفرنسية تاريخية وإستراتيجية تمتد لأكثر من ٩٦ عاما، ويعد البلدان حليفين مهمين، وتتنوع أوجه التعاون لعدة مجالات، منها بطبيعة الحال السياسي، العسكري، الاقتصادي والثقافي، وكلا البلدين عضو مهم في مجموعة العشرين، ومع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أصبح لفرنسا دور أكبر في قيادة الاتحاد، ومنه تتطلع فرنسا والمملكة لفرص أكبر من التعاون على الأصعدة كافة، ومنذ شهرين استقبلت الرياض وفدا اقتصاديا رفيع المستوى، وستنعكس نتائج هذه الزيارة على زيارة سمو ولي العهد، وسنرى «بإذن الله» توقيعا لعدد من الاتفاقيات المهمة وتوسيعا للشراكات في أخرى، وتبقى المملكة أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط والأقوى، ويستمر بطبيعة الحال توثيق هذه الشراكة بين البلدين وفق معطيات كل مرحلة.
تعاون في الطاقة والعلوم والتكنولوجيا والصناعات
أوضحت أستاذ المالية المشارك نائبة المشرف العام على الاستثمار بجامعة الملك عبدالعزيز، د. سهى بنت محمود العلاوي، أن زيارة سمو ولي العهد إلى فرنسا تأتي لبحث سبل تقوية أسس الشراكات الاقتصادية المتنوعة بين البلدين، وبناء شراكة إستراتيجية جديدة تقوم على انخراط فرنسا في العمل وفق رؤية المملكة العربية السعودية التي حددتها للعام 2030م، وتشكل الزيارة محطة مهمة متوقع أن يعلن خلالها البلدان عن إطلاق شراكة إستراتيجية جديدة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية، تكون محورا رئيسيا لشعار العلاقات المستقبلية التي تربط بين البلدين، حيث تؤكد الحكومتان أهمية الزيارة التي لا تقاس في مدتها الزمنية ولا في قيمة الاتفاقيات التي ستوقع بين البلدين؛ بل في تحولها إلى محطة مهمة لإطلاق تعاون في مختلف المجالات، منها الطاقة والعلوم والتكنولوجيا والصناعات.
135 شركة فرنسية تعمل في المملكة
أشار الاقتصادي عضو مجلس الأعمال السعودي الفرنسي د. عبدالله المغلوث، إلى أن زيارة سمو ولي العهد إلى فرنسا بالغة الأهمية؛ نظرًا للعلاقات الثنائية بين البلدين، وستطلق مرحلة جديدة من التعاون التجاري والاستثماري والتقني بين البلدين في عدد من البرامج المشتركة والمشروعات التنموية وفق رؤية المملكة 2030م، وتتيح رؤية المملكة 2030م مجالات شراكة استثمارية وتنويع القاعدة الاقتصادية، ومثلت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة للمملكة، والمحادثات التي أجراها معه سمو ولي العهد، دفعة قوية لعلاقات متينة وعريقة، وراسخة بين البلدين الصديقين، خاصة أن مجالات التعاون تغطي مختلف المجالات، والمأمول أن تسفر زيارة ولي العهد إلى فرنسا عن تطوير مجالات الشراكة السعودية - الفرنسية، بما يخدم أهداف رؤية السعودية 2030م، كما أن فرنسا نفسها من مصلحتها الارتقاء بالتعاون الاقتصادي، والتبادل التجاري مع المملكة إلى مستويات أفضل، وتقدر فرنسا، دون شك، الدور الحيوي الذي تضطلع به المملكة من خلال مجموعة الـ20، ومن خلال جهودها لترسيخ استقرار السوق الدولية للنفط.
وأضاف د. المغلوث أن علاقات المملكة بفرنسا متميزة، فهناك أكثر من 135 شركة فرنسية تعمل في المملكة، وتسهم في إنجاح الرؤية 2030م، من خلال تقديم خبرتها المعترف بها دوليا، وتشارك في تنمية المملكة، وتطمح هذه الشركات لأن تكون فرنسا شريكا رئيسيا في المشاريع العملاقة، مثل نيوم ومشروع البحر الأحمر وآمالا والقدية والعلا، وفي مشاريع تطوير أخرى بالرياض وجدة، وتعمل هذه المشاريع ضمن نطاق فريد من نوعه، كمحفز للاستثمار الفرنسي في مجالات عديدة، منها الطاقة والمياه والتقنيات الجديدة والحلول المبتكرة والسياحة والترفيه والفنون والثقافة.
وقال إن زيارة سمو ولي العهد الأخيرة لفرنسا شهدت توقيع 19 بروتوكول اتفاق بين شركات فرنسية وسعودية بقيمة تزيد على 18 مليار دولار، وتتعلق رسائل النوايا هذه بقطاعات صناعية مثل البتروكيميائيات ومعالجة المياه، كما تشمل السياحة والثقافة والصحة والزراعة، على ما أفاد بيان صادر عن منتدى الأعمال الفرنسي السعودي.