وبعدما تفقد الأسطول، ألقى بوتين كلمة مختصرة تعهَّد فيها بضم ما وصفها بصواريخ «كروز» من طراز تسيركون الروسية الفريدة للأسطول، وحذر من أن روسيا لديها القدرة العسكرية على هزيمة أي معتدٍ محتمل.
ووقّع قبل إلقاء كلمته بفترة قصيرة على مرسوم مكوّن من 55 صفحة يقر عقيدة بحرية جديدة تحدد الأهداف الإستراتيجية الأكبر للبحرية الروسية، والتي تشمل طموحاتها بأن تصبح «قوة بحرية عظيمة» يمتد نفوذها إلى العالم كله.
العقيدة الجديدة
وبحسب العقيدة الجديدة، تُعد «السياسة الإستراتيجية للولايات المتحدة للهيمنة على المحيطات العالمية» وتحركات حلف شمال الأطلسي للاقتراب من الحدود الروسية التهديد الرئيسي للبلاد.
وتنص العقيدة على أن روسيا قد تستخدم قوتها العسكرية بشكل يتناسب مع الأوضاع في المحيطات العالمية في حالة فشل القوى الناعمة الأخرى مثل الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية.
ولم يُشر بوتين في كلمته إلى الصراع في أوكرانيا لكن العقيدة العسكرية تستعرض «تعزيزا شاملا لموقع روسيا الجيوسياسي» في البحر الأسود وبحر «آزوف».
كما تضع منطقة المحيط المتجمد الشمالي، الذي قالت الولايات المتحدة مرارًا: إن روسيا تحاول نشر قوات عسكرية فيها، منطقة ذات أهمية خاصة لموسكو.
ويُطل الساحل الروسي البالغ طوله 37650 كيلو مترا، والذي يمتد من بحر اليابان إلى البحر الأبيض، على البحر الأسود وبحر قزوين.
وقال بوتين: إنه سيتم تسليم صواريخ «كروز» من طراز «تسيركون» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت إلى فرقاطة الأميرال جورشكوف في غضون أشهر قليلة وستستند مناطق نشرها إلى المصالح الروسية.
وتابع: «الشيء الرئيسي هنا هو قدرة البحرية الروسية، إنها قادرة على الرد بسرعة البرق على كل مَن يقرر التعدي على سيادتنا وحريتنا».
وهذه الأسلحة أسرع من الصوت تسع مرات، وأجرت روسيا اختبارات سابقة على إطلاق صواريخ «تسيركون» من سفن حربية وغواصات خلال العام الماضي.
إلغاء احتفالات
وفي القرم، اتهم مسؤول كبير في شبه الجزيرة، التي ضمَّتها روسيا، أوكرانيا، أمس الأحد، بشن هجوم بطائرة مُسيرة قبل احتفالات يوم البحرية، مما أدى إلى إصابة خمسة وإلغاء الاحتفالات.
ويأتي هذا الاتهام قبل ساعات من إشراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على احتفالات يوم البحرية في مسقط رأسه في سان بطرسبرج بينما تواصل موسكو عمليتها العسكرية في أوكرانيا.
وكتب ميخائيل رازفوجاييف حاكم سيفاستوبول، حيث يقع مقر قيادة أسطول البحر الأسود الروسي، على «تيليجرام»: «سقط جسم غير معروف في ساحة مقر قيادة الأسطول»، وأضاف: «تشير المعلومات الأولية إلى أنها طائرة مسيرة».
وقال: إن أوكرانيا قررت «إفساد يوم البحرية بالنسبة لنا».
وقال رازفوجاييف: إن خمسة موظفين من مقر قيادة الأسطول أصيبوا في الحادث وإن جهاز الأمن الاتحادي يحقق في ملابساته، وأضاف رازفوجاييف: «ألغيت جميع الاحتفالات لأسباب أمنية، يرجى التزام الهدوء والبقاء في المنازل إذا أمكن ذلك».
ويوم البحرية هو عطلة سنوية في روسيا وتقدم خلاله أساطيلها عروضًا بحرية وتكرم بحارتها.
وضمت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في مارس 2014، مما أثار خلافا كبيرا مع الغرب تفاقم لاحقا بسبب دور موسكو في تمرد انفصاليين متحالفين مع روسيا في شرق أوكرانيا.
من جهة أخرى، طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سكان مقاطعة دونيتسك شرقي أوكرانيا بمغادرة المنطقة، وذلك في ضوء الهجوم المستمر الذي تشنه القوات الروسية.
وقال زيلينسكي: «هناك مئات الآلاف من الأشخاص، عشرات الآلاف من الأطفال، يرفضون الخروج من بيوتهم».
هجوم دونيتسك
إلى ذلك، نشرت وزارة الدفاع الروسية، أسماء 50 قتيلا و73 جريحا، بعد يوم من هجوم على معسكر في دونيتسك، حيث كان يتم احتجاز أسرى حرب أوكرانيين.
وذكرت الوزارة: «إن معظم أسرى الحرب الـ193 في سجن أولينيفكا، إما أنهم قتلوا أو أصيبوا»، فيما كان يُعتقد في البداية في أعقاب الهجوم الصاروخي أن أكثر من 50 شخصًا قتلوا في الهجوم.
وزادت الوزارة: إنه حتى وقت مبكر أمس، تم انتشال جثث 48 أسيرًا أوكرانيا، بينما توفي اثنان آخران، أثناء نقلهما إلى المستشفى.
من ناحيتها، تقول أوكرانيا: إنها لن تطلق مطلقًا النار على موقع مدني - وتحديدًا موقع يستخدم لإيواء رجالها - متهمة موسكو بالوقوف وراء الهجوم باعتباره انتقامًا من القوميين الأوكرانيين بين السجناء، والذين تم أسرهم من ماريوبول قبل عدة أسابيع.
في حين وصف زيلينسكي مرة أخرى روسيا بأنها «دولة إرهابية» وندد بتفجير مبنى يضم أسرى حرب أوكرانيين هذا الأسبوع في شرق البلاد، في وقت طالب فيه السكان بمغادرة المنطقة قائلا: «صدقوني، كلما زاد عدد الأشخاص الذين يغادرون دونيتسك، قل عدد الأشخاص الذين يمكن للجيش الروسي قتلهم».
وتابع: «اخرجوا من هناك، سنساعدكم، نحن لسنا روسيا، لأنه بالنسبة لنا، كل حياة مهمة»،
وتقول روسيا: إن المصابين من السجناء يتلقون رعاية طبية. وذكرت أن الهجمات نفذت باستخدام راجمة صواريخ من طراز «هيمارس» التي سلَّمتها أمريكا إلى أوكرانيا، وذلك في الوقت الذي تسعى فيه كييف لاستعادة الأراضي من الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا.
اتهام روسي
وقالت الدفاع الروسية: «يتحمَّل زيلينسكي ونظامه الإجرامي وواشنطن كداعمة المسؤولية السياسية والإجرامية والأخلاقية الكاملة عن حمام دم الأوكرانيين»، على حد تعبيرها.
وذكر محللون بريطانيون أنه من المرجح أن القوات الروسية أقامت جسرين عائمين ونظام عبارات في منطقة «خيرسون» التي تسيطر عليها موسكو والقوات الموالية لها بجنوب أوكرانيا، للتعويض عن أضرار لحقت بجسور قريبة، في الضربات الأخيرة.
وكتبت وزارة الدفاع البريطانية في تحديثها اليومي: «عبر الأراضي المحتلة حديثا، في جنوب أوكرانيا، من المرجح أن تتعرض السلطات التي نصبتها روسيا لضغوط متزايدة، من جانب موسكو، لتعزيز سيطرتها على المنطقة والاستعداد لاستفتاءات حول الانضمام إلى روسيا في وقت لاحق من العام».
وتصنف روسيا حاليا المناطق المحتلة، على أنها تخضع لـ «إدارة مدنية - عسكرية» مؤقتة.
وأضافت الدفاع البريطانية: «من المحتمل أن تجبر السلطات المحلية السكان على الكشف عن التفاصيل الشخصية من أجل إعداد سجلات للتصويت»، وتركز حملة كييف جزئيا على استعادة منطقة «خيرسون» شمال شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا في عام 2014.
وقالت الوزارة: إنه من المحتمل أن تكون القوات الأوكرانية قد نجحت في صد هجمات روسية محدودة النطاق من خط المواجهة القائم منذ فترة طويلة بالقرب من مدينة دونيتسك في منطقة دونباس شرقي البلاد.
ومع دخول الحرب شهرها السادس، تسيطر القوات الروسية على مساحات كبيرة من الأراضي في شرق أوكرانيا بما يتماشى وأهداف موسكو المعلنة، في حين يقاتل الانفصاليون الموالون لروسيا ضد كييف منذ 2014 من أجل السيطرة على شرق البلاد.
معلومات مضللة
وشهد القتال أبعادا جديدة في 24 فبراير الماضي، عندما أرسلت روسيا قواتها، قائلة: إن اجتياحها أراضي جارته الغربية كان ضروريا «للقضاء على النازية» ونزع سلاح أوكرانيا.
في المقابل انتقدت موسكو التحديثات التي تصدرها وزارة الدفاع البريطانية بصفتها معلومات مضللة وغير موثوق بها، بينما تقول لندن: إنها تسعى لمواجهة المعلومات المضللة التي تعلنها روسيا.
في سياق منفصل، صرح إبراهيم قالن المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن أول سفينة لتصدير الحبوب الأوكرانية قد تغادر اليوم الإثنين.
وقال المتحدث للقناة السابعة التركية: إنه من المرجح جدا أن تغادر سفينة تحمل حبوبًا أوكرانية صباح اليوم الإثنين، وأنه لم تتبق سوى تفصيلة أو تفصيلتين لبدء العملية.
وكانت أوكرانيا وروسيا قد وقعتا اتفاقا برعاية الأمم المتحدة وتركيا لتيسير تصدير الحبوب عبر ثلاثة موانئ أوكرانية على البحر الأسود. ولا يزال هناك أكثر من 20 مليون طن من الحبوب من حصاد العام الماضي في انتظار التصدير، وفقًا لبيانات من أوكرانيا، التي تُعرف بأنها سلة خبز أوروبا.
وشهدت مدينة إسطنبول، الأربعاء الماضي، افتتاح مركز التنسيق المشترك لضمان الشحن الآمن للحبوب من الموانئ الأوكرانية، بينما بحثت أنقرة وكييف، أمس الأحد، آخر تطورات أنشطة مركز التنسيق المشترك الجارية في إسطنبول حول الاستعدادات لشحن الحبوب، وذلك في اتصال هاتفي بين وزير الدفاع التركي خلوصي آكار ونظيره الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف.