باتت أزمة الغاز الشغل الشاغل للحكومات الأوربية مع الصيف الحار الذي تمر به حالياً واقتراب الشتاء القارس الذي تنتظره أوروبا، حتى اضطرت بلدان الاتحاد الأوروبي إلى اعتماد خطة لتخفيف استهلاك الغاز، وهو ما يوضح الموقف الصعب الذي وضعت به روسيا دول أوروبا بعد تراجع إمدادات الغاز الروسية.
ويشكل الغاز الروسي نحو 45% من واردات الاتحاد الأوربي من الغاز، ونحو 40% من استهلاكه، فخلال 2021 استورد الاتحاد الأوروبي نحو 155 مليار متر مكعب من الغاز الروسي العام الماضي 2021، فيما شكلت حصة الأنابيب منها أكثر من 90%.
منع الماء الساخن في ألمانيا
وتعد ألمانيا من أكثر دول أوروبا تضررا من أزمة نقص الطاقة، وهو ما دفعها لإطفاء إنارة المعالم والمباني التاريخية في العاصمة برلين، وأما مدينة هانوفر الألمانية فقررت حظر استخدام الماء الساخن في المباني والمؤسسات العامة، كما خفضت درجات حرارة التدفئة، وأغلقت النوافير العامة والأضواء الخارجية لمبنى البلدية ومتاحف المدينة والمباني العامة الأخرى فيها، كجزء من حملتها لترشيد الطاقة.
ولم تتوقف ألمانيا عند ذلك بل أعلنت وسائل الإعلام المحلية، أن هذه القرارات هي البداية ومن المتوقع أن تتبع باقي مدن وولايات ألمانيا مدينة هانوفر قبل بداية الشتاء، كإجراءات استباقية للحد من أزمة نقص الطاقة المتوقعة مع حلول الشتاء.
إسبانيا تلغي ربطات العنق في العمل
ومن ألمانيا إلى إسبانيا وصل الأمر برئيس الوزاراء بيدرو سانشيز بالتخلي عن ربطة عنقه، طالبا من الوزراء والعاملين في المكاتب الاقتداء به من أجل المساعدة في توفير الطاقة عن طريق تقليل درجات برودة مكيفات الهواء لمواجهة موجة الحر التي تمر بها أوروبا حالياً.
وقال رئيس الحكومة الإسبانية، في كلمة له: "أنا لا أرتدي ربطة عنق وطلبت من وزرائي ألا يفعلوا ذلك"، حتى يتمكنوا من المساهمة في توفير الكهرباء.
وتعمل وزارة التحول البيئي الإسبانية، على تشغيل مكيفات الهواء عند درجة حرارة 27 درجة كجزء من الحفاظ على الكهرباء وتقليل الاستهلاك، موضحة أن ارتداء ملابس خفيفة يمكن أن يساعد في تقليل الشعور بدرجات الحرارة المرتفعة، وبالتالي يحد من الحاجة إلى تشغيل المكيفات ببرودة مرتفعة مما يتطلب استهلاك أعلى للكهرباء.
خفض استهلاك الغاز 15%
وأما عن باقي أوروبا، فتوصلت دول الاتحاد إلى اتفاق لخفض طارئ لاستخدام الغاز في الشتاء تحسباً لقطع إمدادات الغاز الروسي عن دول الاتحاد تماماً، ودعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين دول الاتحاد إلى تخفيض استهلاكها من الغاز بنسبة 15%، في الأشهر المقبلة.
وقالت دير لايين، إن روسيا ستلجأ إلى قطع تصدير الغاز عن الاتحاد الأوروبي نهائياً في الأشهر المقبلة، ولهذا فإن دول الاتحاد مطالبة بتخزين ما تستطيع من الغاز، من خلال الالتزام بالخطة التي عرضتها المفوضية الأوروبية على دولها الـ27، والتي تؤكد على ضرورة أن تبذل كل دولة "كل الجهود الممكنة" لخفض استهلاكها الوطني من الغاز بما لا يقل عن 15%، بمعدل وسطي خلال العام، مقارنة بالمعدل المسجل في السنوات الخمس الأخيرة خلال الفترة نفسها.
نصائح الوكالة الدولية للطاقة
وكانت وكالة الطاقة الدولية كشفت عن خطة من 10 نقاط لتقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، بأكثر من الثلث خلال عام.
وأشارت الوكالة إلى أنه إذا اتخذت أوروبا إجراءات أكثر صرامة، فبإمكانها خفض الاستيراد الأوروبي من روسيا بنحو 80 مليار متر مكعب، أي بأكثر من النصف، عن طريق عدم تجديد أي من عقود غازبروم الروسية التي تنتهي في 2022، والتي تقارب 15 مليار متر مكعب سنوياً، أي نحو 12% من صادرات غازبروم للاتحاد الأوروبي في 2021.
بالإضافة إلى توفير 30 مليار متر مكعب من دول أخرى غير روسيا، مثل الحصول على 10 مليارات متر مكعب إضافية من النرويج وأذربيجان، و20 ملياراً من الغاز المسال، وكذا إطلاق برنامج دعم يغطي 20% من تكاليف تركيب ألواح الطاقة الشمسية، بتكلفة 3 مليارات يورو، لزيادة إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة، بما يكفي لتقليص استهلاك الغاز بنحو 6 مليارات متر مكعب في السنة.In a new article, I set out 5 immediate coordinated actions the EU needs to take if it wants to have any chance of avoiding a major gas supply crunch⁰
Russia may completely cut gas supplies at any point. The EU must act now – decisively & unified https://t.co/p0aK8IXQNY pic.twitter.com/VmU7SvB3s4— Fatih Birol (@fbirol) July 18, 2022
ونصحت الوكالة الدول الأوروبية بالاتجاة إلى رفع نسبة تشغيل المفاعلات النووية، لتوفير استهلاك 13 مليار متر مكعب من الغاز.