تشهد السعودية نقلة نوعية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية وما تتضمنه من خطوات جادة نحو تحقيق مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للنقل التي أطلقها ولي العهد رئيس اللجنة العليا للنقل والخدمات اللوجستية الأمير محمد بن سلمان، بتاريخ 2021/6 بما يعزز مكانة المملكة لتكون مركزا لوجستيا عالميا بسبب موقعها الجغرافي كمحور ربط بين القارات ومركز جلب للمزيد من الحركة الجوية والشحن الجوي والاستثمارات، وبما أن قطاع النقل يضم تحت مسؤوليته المنافذ الجوية والبرية والبحرية فسيكون للمطارات والموانئ وشركات الشحن دور بارز في تحقيقها والمساهمة في استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
ويعتبر قرار مجلس الوزراء الموقر القاضي بنقل الاختصاصات الإشرافية والتنظيمية والرقابية الخاصة بقطاع البريد من «منظومة الاتصالات وتقنية المعلومات» إلى «منظومة النقل والخدمات اللوجستية» قرارا إستراتيجيا سيمنح وزارة النقل القدرة على صياغة الخدمات البريدية وربطها بخدمات الشحن على اختلاف مواقعها وسيمنح فرصة أكبر لتطوير البنية التحتية والخدمات من واقع التجارب التي لدى الوزارة في إدارة الشحن وطرح الفرص الاستثمارية أمام المستثمرين والشركات المشغلة للخدمة.
ومن المعلوم أن مناولة الشحنات والقطع البريدية جزء من مهامها وخدماتها وترتبط بمنظومة النقل بجميع قطاعاته الجوية والبرية والبحرية وهو ما يساهم في اكتمال الخدمات وسرعة تنفيذها وبذلك ينمو القطاع ويحقق المستهدفات الاقتصادية من جذب الاستثمارات وخلق الوظائف إذا ما علمنا أن هناك عملا دؤوبا وتنسيقا رفيع المستوى بين وزارة النقل ووزارة الصناعة لتحقيق التناغم المطلوب ضمن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، والتي تعمل عليه الوزارة مع شركائها لتحويل المملكة إلى مركز لوجستي عالمي، لا سيما أن المملكة لديها مستهدفات إستراتيجية ضمن رؤية 2030 حيث يعد قطاع النقل والصناعة من أهم القطاعات التي تركز عليها لما لها من دور فعال وأساسي في تحقيق التنمية الاقتصادية للبلاد.
وسيسهم القرار في توفير فرص استثمارية جاذبة في القطاع اللوجستي عبر خدمات التسليم والتوصيل، ومن خلال توفير بيئة محفزة تساهم في نمو خدمات التجارة الإلكترونية، وهذا ما يدعم توجه قيادتنا الرشيدة لتنويع القاعدة الاقتصادية وإثبات متانة وقوة القطاع اللوجستي أمام المستثمرين. إن تولي وزارة النقل والخدمات اللوجستية الإشراف على قطاع البريد، في السعودية يساعد في وضع سياساته العامة وخططه التطويرية، واقتراح مشاريع أنظمته وتعديلاتها سيسهم في الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة في السوق المحلي ورفع كفاءة التشغيل لتحسين تجربة العميل.
ما نحتاج إليه أن تركز وزارة النقل بصفتها التي ستتولى قطاع البريد في السعودية على تطوير القطاع ووضع معايير صارمة تهدف للارتقاء بالخدمة البريدية والشحن واختيار الشركات ذات الكفاءة والخبرة التي تدعم القطاع وتعزز البنية التحتية حتى يشعر المواطن أن خدمات البريد متوافرة بكل سهولة وفي وقت قياسي والبعد عن فتح المجال لشركات قد لا تكون مؤهلة لهذه الخدمات ويمكن أن تتم الاستفادة من تجارب بعض الشركات العالمية التي نجحت في بناء منظومة بريدية قوية وتقدم خدماتها في كل مدن العالم وفي وقت قياسي وتنظيم رائع مع الوفاء باحتياجات ومتطلبات العملاء.
ولا ننسى أن السعودية تستقطب كل يوم مئات الشركات للاستثمار وفتح مكاتب لها وهذا سيعزز الطلب على خدمة البريد فلا بد من أن يجد المستثمرون خدمات تتوافق مع تطلعاتهم وسمعة المملكة باعتبارها من أكبر اقتصادات العالم ولها حضور كبير في المشهدين السياسي والاقتصادي وهي عضو في مجموعة العشرين لأقوى اقتصاد في العالم.