بنظرة للحياة نجد أن الناجحين لا يتقيَّدون بكونهم درسوا الجامعة أم لم يدرسوها، بل يسعون للنجاح بكل وسيلة تحقق لهم ذلك، والجامعة إحدى هذه الوسائل، وليست الوسيلة الوحيدة، معتمدين بعد توفيق الله على الطموح، وحب التعلم بالقراءة، ومن خلال تجارب الحياة، والسعي لاكتساب المهارات، حتى عمل عند مَن لا يملك الشهادة مَن يحمل أعلى الشهادات.
يقول آرثر غترمان: الذي يتعلم بالبحث مهارته سبعة أضعاف من مهارة مَن يتعلم بالأوامر.
والأدلة على وجود الناجحين الذين لم يُكملوا دراستهم أكثر من أن تُعَد، أبطال تاريخنا الإسلامي في جميع المجالات الذين سطَّروا أروع نماذج النجاح الإنساني لا نحتاج إلى التذكير بأنهم ليسوا خريجي أرقى الجامعات العالمية.
الروائية البريطانية المبدعة أجاثا كريستي صاحبة الروايات الشهيرة التي بلغت ثمانين رواية، وترجمت للغات العالم بما يتجاوز مليارَي نسخة لم تذهب إلى المدرسة أبدًا فضلًا عن الجامعة.
الشيخ أحمد ديدات صاحب المناظرات الشهيرة والقوية دفاعًا عن الإسلام، والتي ما زالت باقية كشاهد له، والحاصل على جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام، لم يلتحق بجامعة، وقد غيَّر حياته سخرية البعض من ديننا الحنيف وإثارة الشبهات، ومن ثَمَّ كتاب «إظهار الحق» الذي وجده، وقد أكلته الأرضة، فبنى نفسه وطوَّر قدراته.
الأديب عباس محمود العقاد صاحب العبقريات الشهيرة، عبقرية محمد "صلى الله عليه وآله وسلم"، وعبقرية عمر، وعبقرية خالد، والذي تجاوزت كتبه المائة كتاب، يحمل شهادة الابتدائية وقد طوَّر مهاراته عن طريق ثثقيف نفسه.
شونغ جو يونغ مؤسس شركة هونداي، والتي تعني بالكورية الوقت الحاضر، كان عاملًا في بناء الورش ونقل الحجارة والطين، حتى أسس شركته الشهيرة، كذلك مؤسِّس شركة إيكيا انغفار كامبراد، والتي هي اختصار لاسمه واسم عائلته ومزرعته وقريته، ومايكل ديل مؤسس شركة ديل توقف عن دراسة الجامعة، وأسَّس شركته، وسليمان الراجحي رجل الأعمال المعروف، وغيرهم الكثير من ناجحي الشرق والغرب.
كل هؤلاء لا يقولون لا تدرسوا في الجامعات لتنجحوا، ولكنهم يقولون بسيرهم تستطيع أن تنجح حتى ولو لم تدرس بالجامعة.