@almaiahmad2
كان العرب منذ أمد التاريخ يفتخرون بأنسابهم وانتمائهم القبلي في كل مناسباتهم، وكان ذلك مميزا في أشعارهم ونثرهم، وتاريخهم يشهد على ذلك. وكان لهذا النسب تأثير واضح في حياتهم فتبنى عليه أمور كثيرة في حياتهم، مثل مكانتهم بين القبائل وقومهم وحتى في أمور الزواج ونواح أخرى كثيرة. فكان إذا أراد شاعرهم أن يهجو أحدا هجا قبيلته أو نسبه، فغض الطرف انك من نمير.... فلا كعبا بلغت ولا كلابا. وكانت تلك الممارسات تأخذ منحى عنصريا في أحيان كثيرة وتؤدي إلى تحقير الآخرين لا لسبب سوى نسبهم. وجاء الإسلام ليغير تلك العادات المقيتة، فقد قال صلى الله عليه وسلم «دعوها فإنها نتنة» وهناك الكثير من النصوص التي تنبذ تلك الممارسات. كما كان شعر الإسلام يعكس ذلك الاتجاه، قال علي كرم الله وجهه «كن ابن من شئت واكتسب أدبا ... يغنيك محموده عن النسب *** إن الفتى من يقول هأنذا ... ليس الفتى من يقول كان أبي». ولم يكن ذلك حكرا على العرب فقد كان الغرب في قديم الزمان يفتخرون بانتمائهم العرقي والطبقي مثل طبقة النبلاء وغيرها، وما زالت هناك بقايا لتلك العادات في أوروبا وتحديدا في بريطانيا، فما زالت الملكة تمنح الألقاب الملكية ولكن ذلك يتم بناء على إنجازات الفرد وليس نسبه. وقد اختفت تلك الممارسات بشكل كبير مع التقدم والحضارة وأصبح الأفراد في المجتمعات المتحضرة يرتقون في مجتمعاتهم بناء على نجاحاتهم العلمية أو الاقتصادية ومساهماتهم في دولهم. واستمرت عادات الافتخار بالأنساب والطبقية في المجتمعات المتخلفة التي أضحت لا مكانة لها في عالم اليوم. وهناك سبب قوي لنبذ التفاخر بالقبلية والأنساب في المجتمعات المتحضرة، فهي تقتل الإبداع والإنتاجية وتؤسس للاتكالية وتدمر المجتمع من الداخل، فيصبح مجتمعا متخلفا غير منتج. وبنظرة سريعة للأمم القوية المتقدمة مثل أمريكا والصين وغيرها، نجد أن القبلية والافتخار بالأنساب ممارسة غير معروفة فيها. ففي الدول المتقدمة يتم تعيين الأفراد في مراكز هامة وقيادية بناء على مهاراتهم وقدراتهم العلمية والإدارية بصرف النظر عن العرق والنسب وهكذا تتقدم الأمم. في إحدى قصص الجاسوسية المشهورة تم القبض على وزير وعضو حزبي قيادي في الاتحاد السوفياتي الذي تفتت في نهاية الثمانينات، في قصة مثيرة انتهت به في السجن لبقية حياته بسبب عمالته للولايات المتحدة الأمريكية. وعند سؤاله عن طبيعة ممارسته التي أدت إلى إلحاق أضرار كبيرة بوطنه علما بأنه لم يتم ضبطه بتهمة إيصال معلومات حساسة أو هامة عن بلده إلى أعداء الوطن، كان رده بسيطا «كنت أعين الأغبياء وغير المؤهلين في المراكز المهمة والحساسة، وكانت هذه أسهل طريقة لإلحاق الدمار وخدمة من جندني».
وقد تنبهت قيادتنا الرشيدة لمثل هذه الأمور، وكان مقياس الكفاءة والقدرات العلمية والإدارية من أهم المعايير لتعيين الوزراء وتقليد المناصب. ونرى في كل يوم نتائج هذه السياسة الذكية، وكلنا أمل في رؤية ٢٠٣٠ بتحقيق الكثير مما نصبو إليه من تقدم اقتصادي وحضاري واستقرار وأمن وبناء قوة سياسية وعسكرية تضعنا في مركز متقدم بين الأمم.
@almaiahmad2
@almaiahmad2