على غرار ما قاله نزار عن بيروت.. بيروت المشردة الحزينة! تلك المدينة التي كانت الملهمة لكل فناني الدنيا! ومع غيابها تظهر في الجنوب مدينة أبها.. تزاحم الضباب الذي يغطي محياها الجميل وزخات المطر تلك، التي فتنت عشاقها وهي تظهر على جبينها ويقطر شعرها فتنة تتسع لها الأحداق وتفغر لهولها الأفواه! أي جمال تصورته؟ وأي سحر اشتملته؟ مع تلون جمالها وروعة جنونها الآسر تظهر قصص تحكى ومواقف لا تنسى.. وكم حكت لي مدينتي ألف قصة عشق وقصة!! وكم روت لي ألف حكاية حب حقيقي وحكاية!! اجتمعوا أطرافها في شيء واحد، فهم قبل أبها لا يعرفون بعضهم أبدا! وقصتهم هنا ليست كأي قصة أبدا! باركتهم مدينة الحب والمطر، وسيلتقون يوما ما بين الضباب وتحت زخات الغيث يروون لحظات جعلتهم أسعد أهل الدنيا!!
أبها مدينة لا تمنحك أسرارها بسهولة.. فهي حسناء فارعة تظن عليك بمفاتنها وعليك أنت وحدك أن تكشف ذلك، مدينة مغرورة يزيدها كبرياؤها فتنة وأنوثة وهي لا تبد لك منها إلا ما رأيت في أول لقاء لكنك ستكون ذلك المسكين، الذي صدق أن ما رأى هو كل شيء ولا يعلم أنه لم يأخذ من العنق إلا قلادة!!!
ما أن تطأ قدماك أبها إلا وتسمع صوت رعدها والتفاف ضبابها يرحبان بك.. وتبدأ لغتها الماطرة تتسرب إلي مساماتك لتفكر بها وتتحدث عنها.. إنها مدينة تصنع أملا لمَن لا أمل له وقصة عشق لمَن لم يتذوق الحب مرة.
أيلام فارس الكلمة (دايم السيف) عندما قال:
يا سحايب سراة أبها تعدي شمال
واستعيري دموعي سيلي كل واد
غطي أرض الحبيب بالندى والجمال
مثل ما هو مندي بالمحبة فؤادي
وارعدي يا سحابة فوق هاك التلال
صوري له حنيني عقب طول البعاد
ولعي يا سحابة بالسما كل جال
مثل ما أشعل فواد فيه كدح الزناد
مير أشوف التسلي عن هواها استحال
وقفي يا سحابة حمل الأشواق زاد
دوك قلبي وعيني دوك بعض الخيال
دوك كلي تبعتك ما بقى لي قعاد