ولا يتوقفون عند التعاطف القلبي فقط؛ بل يقومون بفعل الخير على أرض الواقع.
وهذه نعمة من الله يجب أن يحمدوا الله عليها.. من يتصفون برقة القلب.
أما من قلبه به صفة من صفات الحجارة أو الحديد، لا يلين لحال الناس، ولا يشعر ولا يتعاطف معهم، فيجب عليه أن يعلم شيئا واحدا، أنك حينما تساعد الآخرين فوالله إنك تساعد نفسك أولا قبل أن تساعدهم.
لا تظن أنك حينما ترى أحدهم في مشكلة - كما يقولون مشكلة شخصية - ولا تقوم بمساعدته على حلها، أن هذه المشكلة لن تصيبك وتنال منك، فأنا أرى أنه لا توجد مشكلة شخصية، فالمشكلة الشخصية سريعا ما تتحول لمشكلة جماعية.
فقد ترى - على سبيل المثال - أن حالة طلاق جارك هي مشكلة شخصية، تخصه هو وزوجته.
ولكن هذه المشكلة سرعان ما تؤثر على المجتمع المحيط به، فتجده في عمله شخصا سريع التوتر، لا يقوم بأداء عمله على أكمل وجه، وكيف يستطيع القيام بعمله وعقله ملئ بالهموم والمشاكل.
وزوجته التي قد يكون كلامها سببا في عزوف الكثير من الفتيات على خوض تجربة الزواج، ومن ضمن هؤلاء الفتيات الفتاة التي تنوي التقدم لخطبتها.
وأطفاله الذين يتيهون في دروب، مشتتين، لا يجدون من يقوم بإرشادهم وتوجيههم إلى الطريق الصحيح، فتجد منهم من يسهل ضمه إلى مجتمع متعاطي المخدرات والسرقة والبلطجة، وبالطبع كيف لك أن تهنأ في مجتمع غير مستقر، لقد تكون هذا المجتمع غير المستقر نتيجة تركنا لأسر تتفكك وتنتهي بالطلاق، لأننا لم نتدخل ونقم بتقديم المساعدة.
يرى علماء الاجتماع أن فنجان القهوة الذي تشربه لا يصل إلى يدك بصورة عفوية، فأنت الذي تقرر نوع القهوة وأين ستشربها ومتى ومع من؟، وأثناء اتخاذ لتلك القرارات، هناك ملايين القرارات يتخذها شاربو القهوة مثلك حول العالم، تسهم هذه القرارات في بناء سوق القهوة وتؤثر في حياة منتجيها الذين قد يعيشون ويسكنون في بقعة بعيدة كل البعد، في الجانب الآخر من العالم لمحل إقامتك.
وكذلك الأزمة الاقتصادية التي أصابت شرقي آسيا بين عامي ١٩٩٧-١٩٩٨،خلفت آثارها على الاقتصاد العالمي كله.
يقول الشاعر:
وإذا تركت أخاك تأكله الذئاب.. فاعلم بأنك يا أخاه ستستطاب
ويجيء دورك بعده في لحظة.. إن لم يجئك الذئب تنهشك الكلاب
إن تأكل النيران غرفة منزل.. فالغرفة الأخرى سيدركها الخراب
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «مَن نَفَّسَ عن مؤمنٍ كُرْبَةً من كُرَبِ الدُّنيا نَفَّسَ اللهُ عنه كُرْبَةً من كُرَبِ يومِ القِيَامَة، ومن يَسَّرَ على مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عليه في الدُّنيا والآخرةِ، ومن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ في الدُّنيا والآخرةِ، واللهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كَانَ العبدُ في عَوْنِ أَخِيه».
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تذكر في المرة القادمة وأنت تشرب القهوة، وما تفعله هذه العادة في التأثير على المجتمع العالمي، وقم بالتعود على مساعدة نفسك بمساعدة الآخرين.
@salehsheha1