إسرائيل «المحظوظة» حققت انتصارات ومكاسب معظمها ليس بعبقرية إدارة الصراع. بل تركت المهايطين المزايدين العرب يحققون مكاسبها بأفضل مما تسعى وأقوى مما تتمنى.
في البدايات، نجحت إسرائيل في جعل القوى الكبرى تتبناها. ثم انهالت الحظوظ شلالات من البركات على إسرائيل بفضل غوغائية القوميين العرب وعنترياتهم.
بدأ الضجيج الرئيس المصري جمال عبدالناصر بالخطب والكثير من «الهلس». وتعهد برمي إسرائيل في البحر، وتبعه القوميون العرب ينافسونه في العنتريات. وبدلاً من محو إسرائيل، أصيب العرب بصدمة، إذ في ستة أيام فقط، في يونيو 1967، تمكنت إسرائيل من هزيمة مصر وسوريا والأردن واحتلال أراضيها، واحتلال فلسطين كاملة. وهرع العرب لوقف الحرب قبل أن تلتهم إسرائيل المزيد.
وفي السبعينيات، بدأت إسرائيل بجني مكاسب المرحلة الثانية من الحظ، إذ هيمن الشيوعيون على العمل الفلسطيني، وتولعوا، أيضاً، بشهية الكلام والخطب، وشحنوا الأمة بمزيد من مخدرات المنابر، وفتحوا صراعات مع الدول العربية أشد من عداوتهم لإسرائيل، وحولوا القضية الفلسطينية إلى سلعة تجارية وعروض أيديولوجية وخدمة الاتحاد السوفيتي. وكان زعماء منظمة «فتح» ينافسونهم في إطلاق التهديدات. وحققت إسرائيل مكاسب هائلة من هذه المرحلة الثانية من المتاجرة بفلسطين.
وبعد فشل الشيوعيين وكساد بضاعتهم وتحولهم لخدمة الخمينية، بدأت إسرائيل بجني مكاسب المرحلة الثالثة (ابتداء من قبيل الألفية)، إذ بدأ رافعو الشعارات الإسلامية الخمينيون (حزب الله وحماس، والإخوان)، يسيطرون على المنابر و«الأجواء». وعلى خطى الشيوعيين، يتنافسون أيضاً بإطلاق سيول تهديدية لإسرائيل وانتصارات وهمية، وتعظيم التجارة بالقضية، ويشاغبون الدول العربية، وإسرائيل تجني الغنائم. وتحولت قضية فلسطين نهائياً إلى سلعة لتوظيف العاطلين والإلهاء.
آخر مكاسب إسرائيل، في لبنان. إذ كان حزب الله، لتجديد الصورة الوهمية لمحاربة إسرائيل، يتمنع ويمنع الحكومة من الانخراط في مفاوضة إسرائيل في الحدود البحرية، ثم يكتشف أن إسرائيل بدأت بالتنقيب عن النفط في مياه لبنانية، وأصبح مصدوماً مهزوماً بالأمر الواقع. وهو الآن يحاول ترقيع الورطة والبحث عما يحفظ ماء الوجه بأي ثمن.
* وتر
المغدورة، تقف، حفياء عزلى / في مهب الريح ومهاو سحيقة..
تقتات مزيج الدمع والعنا وألم الخناجر،
وتسأل عن الفجر، وسفر الصباح..