وأضافت: لكن لا أحد من مشتركي قناة نيوينهام على يوتيوب، البالغ عددهم 170 ألف مشترك، سيعلم من رسائلها المبهجة في مقاطع الفيديو الخاصة بها، أن سوريا دولة في حالة حرب.
ومضت تقول: بعد حرب الأرض المحروقة، بدعم من القوات الإيرانية والميليشيات الطائفية والقوات الجوية الروسية، استعاد نظام بشار الأسد السيطرة على جزء كبير من سوريا، لكن أكثر من نصف سكانه ما زالوا نازحين، والباقي يرزحون تحت نفس الإرهاب الخانق الذي ألهمهم للانتفاض ضد النظام عام 2011.
تجنيد صحفيين
وتابعت: لكن انتصار النظام كان له ثمن. هو الآن منبوذ دوليا، تخنقه العقوبات، ومدين لكل من إيران وروسيا. يحتاج إلى شريان حياة اقتصادي بسرعة. لكن من الصعب إقناع المستثمرين بأن البلاد منفتحة على الأعمال التجارية عندما تظل صورتها مرتبطة بحرب ضروس.
وأردفت: بعد سقوط حلب قبل 6 سنوات، حاول النظام تجنيد صحفيين دوليين للمساعدة في إعادة تأهيل صورة البلاد. ودفع فواز الأخرس، حمو الأسد، أموالا كثيرة لزيارة دمشق والالتقاء بكبار المسؤولين، بمن فيهم الأسد نفسه. كان هذا الجهد كارثة في العلاقات العامة.
واستطردت: كتب معظم المراسلين نقدا عن تجربتهم، وتعلم النظام درسا قيما وهو أنه ما دام أن سوريا ينظر إليها من منظور سياسي، فإنها ستكافح من أجل الحصول على تغطية إيجابية.
تجنيد المؤثرين
ومضت تقول: على مدى السنوات القليلة الماضية، عمل النظام بجدية على تجنيد مستخدمي يوتيوب والمؤثرين عبر الفيديوهات المنشورة عليه للمساعدة في تلميع صورة البلاد.
وأشارت إلى أن الفكرة بارعة لأن معظم المؤثرين في الرأي عبر السفر يعتبرون أنفسهم غير سياسيين، ويهتم جمهورهم بشكل أساسي بالمشاهد والأصوات والنكهات.
ونوهت بأن النغمة التقليدية لمثل هذه الفيديوهات مبهجة، مع وجود مساحة صغيرة للتذكير بالمأساة، موضحة أنه بقدر ما تعترف مقاطع الفيديو بتدمير سوريا، فإنها تصبح جزءا من الجمالية، وتضيف لمحة من الخطر والاندفاع إلى المغامرة.
وأضافت: على إنستجرام وتيك توك، ليس من غير المألوف رؤية المؤثرين يظهرون أمام الأحياء المدمرة. بالنسبة إليهم، هذا كله جزء من تجربة بلاد الشام الغريبة، جنبا إلى جنب مع الأسواق والبازارات والمساجد والقلاع والمطاعم في البلاد.
وتابعت: يدخل المؤثرون البلاد من خلال تأشيرة ممنوحة فقط، حيث يتم ترتيب الإقامة من خلال وكالة سفر معتمدة من النظام. يفحص النظام جميع طلبات التأشيرات لاستبعاد الصحفيين والنشطاء. بمجرد وصولهم إلى سوريا، يتم تعيين مرافقين للمسافرين، عادة على هيئة مترجمين.
أجندة النظام
ومضت تقول: في حين أن معظم المؤثرين يبدون غير مبالين بالفظائع التي شهدتها البلاد مؤخرا، فإن البعض لديهم شعور بالذنب الأخلاقي.
وأشارت إلى أن داود أخوندزادا، المؤثر اللاسياسي في تيك توك، ألقى باللوم في تدمير البلاد على الجيش السوري الحر لحمله السلاح ضد الحكومة السورية.
وبحسب الكاتبة، يستغل النظام سذاجة وانتهازية المؤثرين، ويضخم تصريحاتهم معلنين أن سوريا آمنة عبر وسائل الإعلام الرسمية.
وأردفت: لكن حتى بدون ترديد تصريحات النظام بشكل صريح أو إنتاج العلاقات العامة له، فإن هؤلاء المؤثرين يروجون لأجندة النظام من خلال نقل الانطباع الخاطئ بأن مشكلات البلاد انتهت.
وأضافت: لا يزال معظم السوريين يعانون في المنفى الداخلي أو كلاجئين في الخارج. أكثر من 100 ألف اختفوا ببساطة في غرف التعذيب التابعة للنظام.
ومضت تقول: في حين أن معظم السوريين لا يتمتعون بحرية زيارة بلادهم، فإنهم يرون سائحين غير حساسين، غير مبالين بألمهم ويطوفون بأحيائهم ويدنسون مواقع الجرائم الجماعية.
واستطردت: هذه السياحة غير أخلاقية لأن حتى إطاراتها غير الضارة تخفي أهوالا.
شركات غربية
وأشارت إلى أن نيوينهام، على سبيل المثال، تتحدث بحماس عن زيارتها لباب توما لكنها تبدو غافلة عن حقيقة أنها على مسافة قصيرة من الفرع المحلي للمخابرات الجوية، والذي حددته هيومن رايتس ووتش كأحد مرافق التعذيب الرئيسية في البلاد.
وأشارت إلى أنه في حين أن قيمة مثل هذه السياحة للنظام واضحة، إلا أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن العديد من المنشورات رعتها شركات غربية معروفة، وتمكن المدونون من استثمار مثل هذا المحتوى على يوتيوب.
وتابعت: في بيان، قال متحدث باسم جوجل، الشركة الأم لموقع يوتيوب، إنها تطلب من منشئي المحتوى والمعلنين الامتثال لجميع العقوبات السارية وإضفاء الشيطنة على أي محتوى ينتهك سياساتها. لكنهم لم يتطرقوا إلى مقاطع الفيديو الخاصة بسوريا على وجه التحديد.
ولفتت إلى أنه من الواضح أن هؤلاء المؤثرين لا يريدون التعامل مع الآثار السياسية والأخلاقية لسفرهم، مضيفة: لا يمكننا مراقبة ضمائر الناس. لكن يمكننا التساؤل عما إذا كانت الشركات التي ترعى مثل هذه السياحة تنتهك العقوبات المفروضة على النظام بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان.