وأضاف: في حالة البرازيل، بدا التكهن دقيقًا، على الأقل لفترة من الوقت، بحلول نهاية العقد، تضاعفت قيمة سوق الأسهم البرازيلية 5 مرات، لم تتراكم الثروة حصريا في الطبقة العليا، حيث توسعت الطبقة الوسطى في البرازيل بنحو 30 مليون شخص، وضاقت الفجوة سيئة السمعة في البلاد بين الأغنياء والفقراء، حتى مع ازدهار الاقتصاد، انخفض معدل إزالة الغابات في غابات الأمازون بشكل حاد، حيث استثمرت الحكومة في تطبيق أقوى الإجراءات ضد الزراعة والتعدين غير القانونيين، بدا أن الاستعدادات لاستضافة كأس العالم 2014 وأولمبياد 2016 تضمن طفرة بناء طويلة ودورًا أكثر بروزًا للبرازيل على المسرح العالمي.
تصدر الاستطلاعات
ومضى الكاتب وينتر يقول: اليوم، الرجل الذي أشرف على معظم تلك الحقبة المبهجة كرئيس من 2003 إلى 2010، لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، يتصدر استطلاعات الرأي للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في أكتوبر 2022.
وأشار إلى أنه رغم أنه لا أحد يتوقع معجزة إلهية، يأمل العديد من البرازيليين في أن يستعيد الرئيس السابق بعض سحره على الأقل.
ونبَّه إلى أنه تحت قيادة الرئيس اليميني للبلاد، جايير بولسونارو، الذي يرشح نفسه لإعادة انتخابه، فقدت البرازيل أكثر من 660 ألف شخص بسبب كورونا.
وتابع: كما أن ديمقراطيتها التي يبلغ عمرها أربعة عقود تتعرض لضغوط شديدة، واستطرد: قد يمتلك لولا الموهبة والخبرة اللازمتين لإعادة البرازيل إلى المسار الصحيح، ولكن من الممكن أيضًا أن يقع البرازيليون في فخ كلاسيكي متكرر لسياسات أمريكا اللاتينية والذي يتمثل في الأمل في أن زعيمًا مسنًّا قاد طفرة تصدير السلع منذ فترة طويلة يمكنه بطريقة ما أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء.
وأضاف: على مدار القرن الماضي، كان القادة الذين قادوا فترات ازدهار غير عادي، مثل خوان بيرون في الأرجنتين في أواخر الأربعينيات، وكارلوس أندريس بيريز خلال طفرة النفط في فنزويلا في السبعينيات، وألفارو أوريبي في كولومبيا خلال العقد الأول من هذا القرن، قد فعلوا ذلك، عادوا إلى السلطة بأنفسهم أو ساعدوا من يتحمسون لهم على انتخابهم.
تغير العالم
واستطرد وينتر قائلا: ولكن بدون استثناء تقريبا، انتهت هذه العودة بخيبة أمل أو كارثة، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى تغيّر العالم وانخفاض أسعار الصادرات المهمة مثل النفط الخام وخام الحديد وفول الصويا.
ولفت إلى أن أمريكا اللاتينية تكافح اليوم للخروج من فترة مضطربة بشكل خاص شهدت بعضًا من أعلى معدلات الوفيات في العالم من الوباء، وأسوأ معدلات القتل وعدم المساواة، وعقد ضائع من النمو الاقتصادي الباهت والاضطرابات الاجتماعية.
وتابع: مع تقدم الحملة الرئاسية لعام 2022 في البرازيل، تميَّز فريق لولا بنقص صارخ في الوجوه الجديدة، حيث اعتمد بدلًا من ذلك على اللاعبين الأساسيين في فترة ولايته السابقة لتقديم المشورة له.
وأردف: لكن لكي يقترب لولا من تكرار سجله السابق، سيتعين عليه التغلب على سياق خارجي أكثر سلبية، والتوقعات الضخمة التي أغرقت في النهاية معظم الآخرين الذين حاولوا عودة مماثلة.
وأوضح أن جزءًا كبيرًا من حملة الانتخابات الرئاسية البرازيلية 2022 كان نقاشًا حول الماضي، وتمحور حول سؤالين متنازعين بشدة: ما مقدار الفضل الذي يستحقه لولا في سنوات الازدهار، وما مقدار اللوم الذي يجب أن يتحمَّله بسبب الانهيار الذي أعقب ذلك؟
وأردف: لا يزال منتقدو لولا يجادلون بأنه كان محظوظًا بشكل غير عادي ولم يفعل في منصبه أكثر من الحفاظ على إطار الاقتصاد الكلي الذي ورثه عن كاردوسو، وأشار إلى أن الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا احتضان الرئيس السابق لولا خاصية نادرًا ما ترتبط باليسار في أمريكا اللاتينية، وهي الانضباط المالي.
الميزانية الطموحة
وأضاف الكاتب: في مواجهة الضغوط المستمرة من قاعدته لإنفاق المزيد، حققت حكومة لولا أهداف الميزانية الطموحة عاما بعد عام، مما سمح للبرازيل بكسب ثقة المستثمرين وسداد مليارات الدولارات في شكل قروض لصندوق النقد الدولي قبل سنوات من الموعد المحدد.
وتابع: على عكس العديد من معاصريه، بما في ذلك الفنزويلي هوغو شافيز، بنى لولا تحالفا واسعا شمل الطبقة العاملة والصناعيين والمصرفيين، الذين شهدوا ارتفاعا في الأرباح بفضل ضم ملايين العملاء الجدد، أدت هذه البراغماتية إلى ارتباك دائم على مر السنين حول ما يؤمن به لولا حقا.
وأشار الكاتب إلى أن أشهر عودة سياسية لأمريكا اللاتينية، والتي يمكن القول إنها مشؤومة، شارك فيها خوان بيرون، الذي قاد فترة ثروة غير عادية من عام 1946 إلى عام 1955 لدرجة أنه تباهى ذات مرة بأن البنك المركزي الأرجنتيني كان عليه تخزين أكوام من الذهب في الممرات.
وتابع: وزّع بيرون بسخاء المكاسب المفاجئة على الطبقة العاملة في البلاد، بعد أن تلاشى الازدهار أطيح ببيرون في انقلاب وتم إرساله إلى المنفى.
وأوضح أنه عندما عاد إلى البلاد في 20 يونيو 1973 من إسبانيا، بعد انهيار أوضاع البلاد في ظل حكم الجنرالات، لإعادة الازدهار المفقود، أثبت بيرون أنه غير قادر على التعامل مع بيئة داخلية وخارجية أكثر سلبية، وفشل في تحقيق الاستقرار في الاقتصاد خلال الحظر النفطي العربي عام 1973 وما أعقبه من ارتفاع في التضخم العالمي.