وأضاف: هذا يعني أننا يجب ألا نقصر الثقافة على المنتج الإبداعي من شعر وقصة ورواية، وإنما لدينا المسرح والسينما والدراما، والفنون الشعبية بكل ألوانها وأطيافها، ولدينا تراثنا العظيم من ملابس ومنقوشات وخلافها من آثار عظيمة، كل ذلك يمثل ثقافتنا التي تعكس صورة مجتمع برمته، وكل منتج من هذه الأشكال المختلفة يعد فنا وثقافة في آن واحد، ومَن كان منهم الأقدر على استقطاب الجمهور فهو صاحب الأولوية، بينما باقي الفنون النخبوية كما ذكرنا نجعل منها أقساما صغيرة في مركز ثقافي شامل، يكون بديلا عن الأندية الأدبية، التي هي بلا شك أدت دورا ورسالة عظيمة في وقتها، وحان الوقت أن نشكلها تشكيلا جديدا يتماشى مع معطيات الرؤية العظيمة للمملكة.
الكم والكيفأما الشاعر علي جدعان، فأشار إلى أنه من واقع عمله لدورة سابقة في اللجنة الثقافية بنادي المدينة المنورة الأدبي وكمتابع أيضا، يعتقد أن الفتور في الأندية الأدبية يرجع إلى عدة أسباب، منها أنها تهتم غالبا بإقامة الأنشطة واستمرار ذلك على حساب النوعية والجودة والحاجة، وأن الأدباء في كل المجالات لا يجدون التقدير الكافي والعلاقة العاطفية مع إدارات الأندية والقائمين عليها، وأنه في الأغلب فإن أنشطة الأندية متنوعة ولكل الفئات، وللأدباء اهتماماتهم الخاصة، التي قد لا تتوافق مع توجهات الأندية ولا تتفاعل معها.
ضبابية كثيفةوأوضح عضو النادي الأدبي الثقافي بالطائف د. أحمد الهلالي أن بعض الأندية لا تزال فعالياتها مستمرة، فقد عقد ملتقى النص، وأعلن أدبي مكة ملتقى الأدب الرقمي، وفعاليات أدبي الطائف مستمرة بمناسبة إعلان الطائف عاصمة للشعر العربي، ومعظم الأندية حاضرة في المشهد، وقال: لا أسميه فتورا لكني أسميه ارتباكا بسبب الضبابية الكثيفة، التي تحجب نظر القائمين على الأندية عن مصيرها الآتي، فالشائعات تعصف بالمشهد الثقافي، ولا مصادر موثوقة تضيء الأندية بخارطة طريق التحول المستهدفة، ناهيك عن شبه قطيعة تامة بين وزارة الثقافة وهيئة الأدب والنشر والترجمة وبين الأندية، فحتى تحولها إلى جمعيات أدبية، على الرغم من استجابة الأندية للخطوة، فإن القائمين عليها يجهلون مبرراتها وما سيؤول إليه حال الأندية حينذاك، فكل هذا مضافا إليه الترقب والشعور بأنها خارج السياق حاليا، ألقى بظلاله على برامج الأندية وأنشطتها ومبادراتها.
قنوات التواصل فيما يقول الناقد والباحث حمد حميد الرشيدي: فتور برامج الأندية الأدبية في الوقت الحالي -بخلاف ما كانت عليه في السابق- له عدة أسباب لا تخفى على كثير منا، وأول هذه الأسباب وأهمها ظهور قنوات التواصل الثقافي والمعرفي الجديد، مثل الإنترنت وظهور الإعلام الجديد، ووسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر، فيسبوك، إنستجرام، سناب، وغيرها، وكل هذه الوسائل أسهمت بلا شك في ضعف إقبال الناس وعامة المثقفين على الحضور للأندية الأدبية والملتقيات والمنتديات الثقافية على أرض الواقع، وأعتقد أن هذا الأمر لا تعانيه الأندية الأدبية وحدها، وإنما هو أمر تعانيه سائر المؤسسات الثقافية بوجه عام، ألا وهو مسألة الحضور الشخصي إلى أماكن إقامة الفعاليات والأنشطة الثقافية، وأصبح بإمكان هذه الجهات مزاولة أنشطتها وجذب الجماهير إليها عن طريق بثها عن بُعد، أي باستخدام برامج البث الإلكتروني المرئي المباشر المعروف دون الحاجة إلى الحضور الفعلي إلى مقار هذه الفعاليات.
المحيط الثقافي ويرى الناقد والروائي محمد الحميدي أن الابتعاد عن المحيط أهم أسباب عزوف المثقفين عن حضور الندوات والفعاليات الثقافية، وتابع: اختيار أسماء المشاركين من خارج المنطقة، أو من خارج المملكة، يضفي على الفعالية قوة وتأثيرا، لكن هذا التأثير سرعان ما يزول أثره بمجرد رحيل الضيف، وتكفي المقارنة بين حال الثقافة قبل حضوره وبعد رحيله، للوصول نتيجة عدم التأثر به، التي لا شك أنها صادمة قليلا، لكننا لن نفاجأ منها حينما ندرك أن حضور الأسماء الكبيرة والمشهورة، والقادمة من البعيد، ليس بهدف التأثير في المحيط الثقافي، إنما في إبراز النادي، وتأكيد قدرته على جلب أسماء لامعة، أضحت محل تنافس بين مختلف الأندية، فلا تجد ناديا إلا وجلب هذا الاسم، واستضاف هذه القامة، وقدم تلك الشاعرة أو ذلك الروائي، ويبقى السؤال مطروحا على طاولة الأندية الأدبية: أين نصيب المبدع المحلي من المشاركات والاستضافات ومن طباعة المؤلفات؟ هذان الأمران هما ما يحددان قرب المبدع أو بعده، فالاهتمام به يقربه، وإقصاؤه يبعده، والكرة في ملعب الأندية الأدبية.
الخضري: الثقافة الشمولية هي الحل والإنتاج الإبداعي النخبوي سبب القصور
جدعان: الأندية تهتم غالبا بإقامة الأنشطة على حساب النوعية والجودة والحاجة
الهلالي: ليس فتورا لكنه ارتباك بسبب ضبابية تحجب النظر عن مصيرها الآتي
الرشيدي: قنوات التواصل الثقافي الجديدة وشبكة الإنترنت أضعفت الحضور
الحميدي: اختيار المشاركين من خارج المملكة يضفي على الفعالية قوة مؤقتة