إن القطاع غير الربحي في المملكة العربية السعودية، تندرج ضمنه الأعمال الفردية الموجهة للخير، مثل تلك الأعمال التي تتوجه إلى خدمة المحتاجين عبر المورد المالي والغذائي والخدمي عمومًا، وما يقومون به، إضافة إلى جوانب أخرى، وتاريخ المملكة حافل بهذه الأمثلة.
وللتاريخ نذكر أن المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- كان قد أقام للقطاع غير الربحي مساحته ضمن الكيانات المؤسسية، وهناك خط زمني لحركة القطاع تمثل في أربع محطات تاريخية كما ورد في البيانات والوثائق:
1928م أصدر جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- نظامًا لتوزيع الصدقات والإعانات يحدد أهداف الرعاية الاجتماعية ومجالاتها في عام 1929م تم تأسيس لجنة خيرية في مكة المكرمة باسم لجنة الصدقات العُليا. 1934م افتُتحت أول دار لرعاية الأيتام أطلق عليها دار أيتام الحرمين الشريفين في المدينة المنورة. 1963م تم افتتاح أول دار للعجزة والمنقطعين في مكة المكرمة بهدف احتضان المسنّين والعاجزين من الحجّاج، الذين انقطعت بهم السبل.
كما أنه بالنظر إلى الأبحاث الموجودة في القطاع غير الربحي، فإن من أوائل الجمعيات المسجلة في القطاع غير الربحي هي جمعية البر بمكة المكرمة، التي تأسست في عام 1951م، ما يعني أن القطاع غير الربحي كان له حضور متنامٍ في المجتمع المحلي بصفة رسمية منذ خمسينيات القرن الماضي وقبله كما يوضح الرصد التاريخي.
إن المملكة شهدت أول ازدهارات القطاع غير الربحي في سبعينيّات القرن الماضي، وفي رصد ذلك نجد أن من أوائل الجمعيات، التي نشأت في تنامي المملكة اقتصاديًّا كانت بالمنطقة الشرقية، إذ إن المنطقة كانت من أوائل مناطق المملكة، التي شهدت تأسيس أعداد من الجمعيات.
وبالقفز زمنيًّا في رصد ما شهده القطاع على المستوى المحلي، فقد كان عام 2005م من الأعوام شاهدًا على تنامي كيانات القطاع غير الربحي، إذ تخصصت هذا لكيانات في مجالات مختلفة مثل: البيئة والتأييد والتعليم والأبحاث والتنمية والإسكان والخدمات الاجتماعية والصحة والعمل الخيري وغيرها من الأعمال، التي تتصل بهذا الجانب.
وأكمل القطاع تناميه إذ صارت بوادر نمائه تظهر عامًا بعد عام حتى بلغ نمو الكيانات غير الربحية في المملكة ما بين عامي 2015م و2016م ما نسبته 20 %.
وجاءت رؤية 2030 لتغيّر هذا المشهد وتسارع في وتيرة النمو في القطاع.
وقد أطلق المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، حملة إعلامية بعنوان «القطاع الرابح»، التي تهدف إلى التعريف بالقطاع غير الربحي وأهميته ومجالاته، وأنسنة القطاع غير الربحي وربطه بأرباح معنوية عائدة للمجتمع، ويشارك في الحملة الإعلامية، التي أطلقها المركز 28 جهة حكومية وخمس منصات تبرع وأكثر من 3.000 منظمة غير ربحية وتركز الحملة على ستة مجالات تنموية وهي الثقافة والصحة والتعليم، والبيئة والإسكان والتنمية الاجتماعية، ويأتي ذلك سعيًا من المركز في التعريف بمجالات القطاعات المتعددة والمساهمة، التي يحققها في التنمية الاجتماعية، إذ تؤكد رسالة الحملة على القيمة الأصيلة في القطاع غير الربحي، التي لا تهدف إلى الربح المادي إنما إلى المساهمة في التنمية الاجتماعية، إذ تستهدف الرؤية رفع مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5 % بحلول عام 2030م، وزيادة عدد المنظمات غير الربحية في مختلف المجالات التنموية، وزيادة عدد المتطوعين بحلول عام الرؤية المباركة.
ووفقًا للمركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، فإن هذه الحملة تبعها حملات أخرى مثل التي صدرت منذ فترة قريبة أكدت إضافة مجالات تنموية أخرى، إذ إن المركز يُعنى ضمن اختصاصاته ترخيص المنظمات غير الربحية في أكثر من 120 نشاطاً غير ربحي، ويعتبر هذا المركز ضمن أحد أهم أهداف رؤية وطننا الطموح 2030.
@khalid_ahmed_o