كان لافتا في الأسبوعين الماضيين تزامن إعلان صحيفة محلية سعودية هي «الجزيرة» تأجير مقرها الرئيسي لتغطية جزء من تكاليفها التشغيلية وما صاحب الخطوة من موجة انتقادات لأداء المؤسسات الصحفية المحلية، مع إعلان وزارة الخارجية الإيرانية احتجاجها على رسم كاريكاتوري ساخر نشر في صحيفة محلية سعودية أيضا هي «الرياض» مرفقا مع تقرير صحفي عن تاريخ إيران الطويل وعلاقتها الوطيدة مع الاغتيالات ضد شخصيات دولية تعارض سياستها التخريبية في المنطقة.
صحيح أن خطوة صحيفة الجزيرة كانت مؤشرا على ذبول ثاني أكبر مؤسسات الإعلام المحلي في العاصمة السعودية الرياض على مدى عقود مضت وسط تهديدات وجودية تعيشها مؤسسات الصحافة محليا ودوليا دفع الجهات التشريعية للإعلام في دول مثل أستراليا وبلجيكا وفرنسا وبريطانيا إلى سن قوانين جديدة تعيد التوازن لسوق الإعلام والإعلان، لكن الصحيح أيضا أن الصحافة كمهنة ومؤسسات لا يجب أن تموت في أي مجتمع لأن الحاجة إلى موادها الإخبارية والتحليلية لا نهائية في أي زمن. وبعكس أي مادة مصدرها منصة رقمية أو حساب شخصي مؤثر على مواقع الإعلام الجديد، يكتسب محتوى مؤسسات الإعلام التقليدي قيمة من كونه موثوقا ومهنيا.
بعبارة أخرى لو افترضنا أن الرسم الكاريكاتوري ذاته الذي نشرته «الرياض» نشر في حسابات رقمية مؤثرة تتصدر المشهد اليوم في الإعلام الجديد سواء كانت لأفراد أو لشركات رقمية لا تنتمي إلى الصحافة، ترى هل كان سيكون مؤثرا إلى درجة أن يعلق عليه متحدث باسم وزارة خارجية إيران؟! في المقابل فإن إضافة رسم كاريكاتوري لتقرير تحليلي عن رصد أمريكي لمخطط للحرس الثوري الإيراني لاغتيال مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون، من جريدة محلية لها إرث مهني كان كافيا لصناعة الحدث.